ويسمع بآذانهم فإن إخواننا من أهل الكوفة نزلوا في مثل حدقة البعير الغاسقة من العيون العذاب، والجنان الخصاب، فتأتيهم ثمارهم ولم يحصدوا، وإنا معشر أهل البصرة نزلنا سبخة هشاشة، وعقة نشاشة طرف لها في الفلاة، وطرف لها في البحر الأجاج، يجري إليها ما جرى في مثل مريء النعامة دارنا فعمة، ووظيفتنا ضيقة، وعددنا كثير، وأشرافنا قليل، وأهل البلاء فينا كثير، درهمنا كبير، وقفيزنا صغير، وقد وشع الله علينا وزادنا في أرضنا فوسع علينا يا أمير المؤمنين وزدنا طبقة تطوف علينا ونعيش بها. فلما سمع عمر قوله أحسن إليهم وأقطعهم مما كان فيئا لأهل كسري وزادهم، ثم قال: هذا الفتى سيد أهل البصرة. وكتب إلى عتبة فيه بان يسمع منه ويرجع إلى رأيه، وردهم إلى بلدهم.
وبينا الناس على ذلك من ذمتهم مع الهرمزان وقع بين الهرمزان، وغالب، وكليب في حدود الأرضين اختلاف فحضر سلمى وحرملة لينظرا فيما بينهم فوجدا غالبا وكليبا محقين والهرمزان مبطلا، فحالا بينهما وبينه فكفر الهرمزان ومنع ما قبله واستعان بالأكراد وكف جنده، وكتب سلمى ومن معه إلى عتبة بذلك فكتب عتبة إلى عمر، فكتب إليه عمر يأمره بقصده، وأمد المسلمين بحرقوص بن زهير السعدي وكانت له صحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقره على القتال، وعلى ما غلب عليه، وسار الهرمزان ومن معه، وسار المسلمون إلى جسر سوق الأهواز وأرسلوا إليه إما أن تعبر إلينا أو نعبر إليكم؟ فقال: اعبروا إلينا. فعبروا فوق الجسر فاقتتلوا مما يلي سوق