فيها وكبر المسلمون من خارج وفتحت الأبواب فاجتلدوا فيها فأناموا كل مقاتل، وقصد الهرمزان القلعة فتحصن بها وأطاف به الذين دخلوا فنزل إليهم على حكم عمر فأوثقوه واقتسموا ما أفاء الله عليهم، فكان سهم الفارس ثلاثة آلاف، وسهم الراجل ألفا، وجاء صاحب الرمية والرجل الذي خرج بنفسه فآمنوهما ومن أغلق بابه معهما.
وقتل من المسلمين تلك الليلة بشر كثير، وممن قتل الهرمزان بنفسه مجزأة بن ثور، والبراء بن مالك، وخرج أبو سبرة بنفسه في أثر المنهزمين إلى السوس ونزل عليها ومعه النعمان بن مقرن، وأبو موسى، وكتبوا إلى عمر فكتب إلى أبي موسى برده إلى البصرة وهي المرة الثالثة. فانصرف إليها من على السوس.
وسار زر بن عبد الله بن كليب الفقيمي إلى جند يسابور فنزل عليها وهو من الصحابة، وأفر عمر على جند البصرة المقترب وهو الأسود بن ربيعة أحد بني ربيعة بن مالك وهو صحابي أيضا وكانا مهاجرين، وكان الأسود قد وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: جئت لأقترب إلى الله بصحبتك فسماه المقترب.
وأرسل أبو سبرة وفدا إلى عمر بن الخطاب فيهم أنس بن مالك والأحنف بن قيس ومعهم الهرمزان فقدموا به المدينة وألبسوه كسوته من الديباج الذي فيه الذهب وتاجه وكان مكللا بالياقوت وحليته ليراه عمر والمسلمون، فطلبوا عمر فلم يجدوه فسألوا عنه فقيل: جلس في المسجد لوفد من الكوفة فوجدوه في المسجد متوسدا برنسه وكان قد لبسه للوفد، فلما قاموا عنه توسده، ونام فجلسوا دونه، وهو نائم والدرة في يده، فقال الهرمزان: أين عمر؟ قالوا: هوذا. فقال: أين حرسه وحجابه؟ قالوا: ليس له حارس ولا حاجب، ولا كاتب. قال: فينبغي أن يكون نبيا. قالوا: بل يعمل بعمل الأنبياء.