فاستيقظ عمر بجلبة الناس فاستوي جالسا، ثم نظر إلى الهرمزان فقال: الهرمزان؟ قالوا: نعم. فقال: الحمد لله الذي أذل بالاسلام هذا وغيره أشباهه. فأمر بنزع ما عليه فنزعوه وألبسوه ثوبا صفيقا، فقال له عمر: يا هرمزان كيف رأيت عاقبة الغدر وعاقبة أمر الله؟ فقال: يا عمر إنا وإياكم في الجاهلية كان الله قد خلى بيننا وبينكم فغلبناكم، فلما كان الآن معكم غلبتمونا. ثم قال له: ما حجتك وما عذرك في انتقاضك مرة بعد أخرى؟ فقال: أخاف أن تقتلني قبل أن أخبرك. قال: لا تخف ذلك، واستسقى ماء فأتي به في قدح غليظ فقال: لو مت عطشا لم أستطع أن أشرب في مثل هذا فأتي به في إناء يرضاه فقال: إني أخاف أن أقتل وأنا أشرب فقال عمر: لا بأس عليك حق تشربه. فأكفاه فقال عمر: أعيدوا عليه ولا تجمعوا عليه بين القتل والعطش، فقال: لا حاجة لي في الماء إنما أردت أن استأمن به فقال عمر له: إني قاتلك فقال: قد أمنتني. فقال: كذبت قال أنس: صدق يا أمير المؤمنين قد أمنته قال عمر: [ويحك] يا أنس أنا أؤمن قاتل مجزأة بن ثور والبراء بن مالك والله لتأتين بمخرج أو لأعاقبنك. قال: قلت له نر لا بأس عليك حتى تخبرني ولا بأس عليك حتى تشربه وقال له من حوله مثل ذلك فأقبل على الهرمزان وقال: خدعتني، والله لا أنخدع إلا أن تسلم فاسلم، ففرض له في ألفين وأنزله المدينة، وكان المترجم بينهما المغيرة بن شعبة وكان يفقه [شيئا من] الفارسية، إلى أن جاء المترجم.
وقال عمر للوفد: لعل المسلمين يؤذون أهل الذمة فلهذا ينتقضون بكم. قالوا: ما نعلم إلا وفاء. قال: فكيف هذا؟ فلم يشفه أحد منهم إلا إن