فلما قدم كتاب الوليد على عمر بمن دخل الروم من العرب كتب عمر إلى ملك الروم: بلغني أن حيا من أحياء العرب ترك دارنا وأتى دارك فوالله لتخرجنه إلينا أو لنخرجن النصارى إليك. فأخرجهم ملك الروم فخرج منهم أربعة آلاف وتفرق بقيتهم فيما يلي الشام والجزيرة من بلاد الروم فكل إيادي في أرض العرب من أولئك الأربعة آلاف؛ وأبن الوليد بن عقبة أن يقبل من تغلب إلا الاسلام فكتب فيهم إلى عمر فكتب إليه عمر: إنما ذلك بجزيرة العرب لا يقبل منهم [فيها] إلا الاسلام فدعهم على أن لا ينضروا وليدا، ولا يمنعوا أحدا منهم من الاسلام، وكان في تغلب عز وامتناع فهم، بهم الوليد فخاف عمر أن يسطو عليهم فعزله وأقر عليهم فرات بن حيان، وهند بن عمرو الجملي.
وقال ابن إسحاق: إن فتح الجزيرة كان سنة تسع عشرة. وقال: إن عمر كتب إلى سعد بن أبي وقاص: إذا فتح الله الشام والعراق فابعث جندا إلى الجزيرة وأفر عليه خالد بن عرفطة، أو هاشم بن عتبة، أو عياض بن غنم، قال سعد: ما أخر أمير المؤمنين عياضا إلا لأن له فيه هوى وأنا موليه. فبعثه وبعث معه جيشا فيه أبو موسى الأشعري وابنه عمر بن سعد ليس له من الأمر شيء فسار عياض ونزل بجنده على الرها فصالحه أهله مصالحة حران، وبعث أبا موسى إلى نصيبين فافتتحها، وسار عياض بنفسه إلى دارا فافتتحها، ووجه عثمان بن أبي العاص إلى إرمينية الرابعة فقاتل أهلها فاستشهد صفوان بن المعطل وصالح أهلها عثمان على الجزية. ثم كان فتح قيسارية من فلسطين، وهرب هرقل.
فعلى هذا القول تكون الجزيرة من فتوح أهل العراق، والأكثر على أنها