فتحت الريح باب كوة مشربته، وهو بين رجلي امرأة. فقال للنفر: قوموا فانظروا. فقاموا فنظروا، وهم أبو بكرة ونافع بن كلدة، وزياد بن أبيه، وهو أخو أبي بكرة لأمه، وشبل بن معبد البجلي. فقال لهم: اشهدوا قالوا: ومن هذه؟ قال: أم جميل بن الأفقم؛ وكانت من بني عامر بن صعصعة وكانت تغشى المغيرة والأمراء، وكان بعض النساء يفعلن ذلك في زمانها، فلما قامت عرفوها. فلما خرج المغيرة إلى الصلاة منعه أبو بكرة وكتب إلى عمر. فبعث عمر أبا موسى أميرا علن البصرة، وأمره بلزوم السنة. فقال: أعني بعدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم في هذه الأمة كالملح. قال له: خذ من أحببت. فأخذ معه لسعة وعشرين رجلا، منهم: أنس بن مالك، وعمران بن حصين، وهشام بن عامر، وخرج معهم فقدم البصرة فدفع الكتاب بإمارته إلى المغيرة وهو أوجز كتاب وأبلغه: أما بعد فإنه بلغني نبأ عظيم فبعثت أبا موسى أميرا فسلم إليه ما في يدك والعجل. فاهدى إليه المغيرة وليدة تسمى عقيلة.
ورحل المغيرة، ومعه أبو بكرة والشهود فقدموا على عمر فقال له المغيرة: سل هؤلاء الأعبد كيف رأوني أمستقبلهم أم مستدبرهم؟ وكيف رأوا المرأة وعرفوها؟ فإن كانوا مستقبلي فكيف لم أستتر؟ أو مستدبري فبأي شيء استحلوا النظر إلي في منزلي على امرأتي؟ والله ما أتيت إلا امرأتي؛ وكانت تشبهها. فشهد أبو بكرة أنه رآه على أم جميل يدخله كالميل في المكحلة وأنه رآهما مستدبرين، وشبل ونافع مثل ذلك، وأما زياد فإنه قال: رأيته جالسا بين رجلي امرأة فرأيت قدمين مخضوبتين يخفقان، واستين مكشوفتين وسمعت حفزا شديدا. قال: هل رأيت كالميل في المكحلة؟ قال: لا، قال: هل تعرف المرأة؟ قال: لا ولكن أشبهها. قال: فتنح وأمر بالثلاثة فجلدوا