من من المن فحمد الله.
ثم ساروا فنزلوا بهجر، وأرسل العلاء إلى الجارود يأمره أن ينزل بعبد القيس على الحطم مما يليه، وسار هو فيمن معه حتى نزل عليه مما يلي هجر فاجتمع المشركون كلهم إلى الحطم إلا أهل دارين، واجتمع المسلمون إلى العلاء، وخندق المسلمون على أنفسهم والمشركون، وكانوا يتراوحون القتال ويرجعون إلى خندقهم فكانوا كذلك شهرا، فبيناهم كذلك إذ سمع المسلمون ضوضاء هزيمة أو قتال، فقال العلاء: من يأتينا بخبر القوم؟ فقال عبد الله بن حذف: أنا. فخرج حتى دنا من خندقهم فأخذوه، وكانت أمه عجلية فجعل ينادي يا أبجراه. فجاء أبجر بن بجير فعرفه فقال: ما شأنك؟ فقال: علام أقتل وحولي عساكر من عجل وتيم اللات وغيرها؟ فخلصه، فقال له: والله إني لأظنك بئس ابن أخت أتيت الليلة أخوالك. فقال: دعني من هذا وأطعمني فقد مت جوعا فقرب له طعاما فأكل، ثم قال: زودني واحملني يقول هذا لرجل قد غلب عليه السكر فحمله على بعير وزوده وجوزه فدخل عسكر المسلمين فأخبرهم أن القوم سكارى، فخرج المسلمون عليهم فوضعوا فيهم السيف كيف شاؤوا، وهرب الكفار فمن بين مترد، وناج ومقتول، ومأسور، واستولى المسلمون على العسكر ولم يفلت رجل إلا بما عليه.
فأما أبجر فأفلت، وأما الحطم فقتل قتله قيس بن عاصم بعد أن قطع عفيف بن المنذر التميمي رجله، وطلبهم المسلمون، فأسر عفيف المنذر بن النعمان بن المنذر الغرور فأسلم، وأصبح العلاء فقسم الأنفال، ونقل رجالا من أهل البلاء ثيابا فأعطى ثمامة بن أثال الحنفي خميصة ذات أعلام كانت للحطم يباهي بها، فلما رجع ثمامة بعد فتح دارين رآها بنو قيس بن ثعلبة فقالوا له: أنت قتلت الحطم. فقال: لم أقتله ولكني اشتريتها من المغنم.