فأخطأ فارفع لسانك عن خالد فإني لا أشيم سيفا سله الله على الكافرين. وودي مالكا، وكتب إلى خالد أن يقدم عليه ففعل. ودخل المسجد وعليه قباء [له عليه صدأ الحديد] وقد غرز في عمامته أسهما فقام إليه عمر فنزعها وحطمها وقال له [أرئاء] قتلت امرءا مسلما ثم نزوت على امرأته! والله لأرجمنك بأحجارك. وخالد لا يكلمه يظن أن رأي أبي بكر مثله، ودخل على أبي بكر فأخبره الخبر، واعتذر إليه فعذره وتجاوز عنه وعنفه في التزويج الذي كانت عليه العرب من كراهته أيام الحرب. فخرج خالد وعمر جالس فقال: هلم إلي يا ابن أم سلمة فعرف عمر أن أبا بكر قد رضى عنه فلم يكلمه.
وقيل: إن المسلمين لما غشوا مالكا وأصحابه ليلا أخذوا السلاح. فقالوا: نحن المسلمون، فقال أصحاب مالك: ونحن المسلمون قالوا لهم: ضعوا السلاح فوضعوه. ثم صلوا. وكان يعتذر في قتله إنه قال: ما أخال صاحبكم إلا قال: كذا وكذا، فقال له: أو ما تعده لك صاحبا؟ ثم ضرب عنقه.
وقدم متمم بن نويرة على أبي بكر يطلب بدم أخيه، ويسأله أن يرد عليهم سبيهم، فأمر أبو بكر برد السبي وودى مالكا من بيت المال، ولما قدم على عمر قال له: ما بلغ بك الوجد على أخيك؟ قال: بكيته حولا حتى أسعدت عيني الذاهبة عيني الصحيحة، وما رأيت نارا قط إلا كدت أتقطع أسفا عليه لأنه كان يوقد ناره إلى الصبح مخافة أن يأتيه ضيف ولا يعرف مكانه. قال: فصفه لي. قال: كان يركب الفرس لا الحرون ويقود الجمل الثفال وهو بين المزادتين النضوختين في الليلة القرة. وعليه شملة فلوت معتقلا رمحا خطلا فيسري ليلته ثم يصبح. وكأن وجهه فلقة قمر. قال: أنشدني بعض ما قلت فيه: فأنشده مرثيته التي يقول فيها: