فوثبوا عليه فقتلوه.
وقصد عظم الفلال إلى دارين فركبوا إليها السفن، ولحق الباقون ببلاد قومهم، فكتب العلاء إلى من ثبت على إسلامه من بكر بن وائل منهم عتيبة بن النهاس، والمثنى بن حارثة، وغيرهما يأمرهم بالقعود للمنهزمين والمرتدين بكل طريق، ففعلوا وجاءت رسلهم إلى العلاء بذلك فأمر أن يؤتى من وراء ظهره فندب حينئذ الناس إلى دارين، وقال لهم: قد أراكم الله من آياته في البر لتعتبروا بها في البحر فانهضوا إلى عدوكم، واستعرضوا البحر. وارتحل وارتحلوا حتى اقتحم البحر على الخيل والإبل والحمير وغير ذلك، وفيهم الراجل ودعا ودعوا وكان من دعائهم: (يا أرحم الراحمين، يا كريم، يا حليم، يا أحد، يا صمد، يا حي، يا محي الموتى، يا حي، يا قيوم، لا إله إلا أنت، يا ربنا. فاجتازوا ذلك الخليج بإذن الله يمشون على مثل رملة فوقها ماء يغمر أخفاف الإبل، وبين الساحل ودارين يوم وليلة بسفن البحر فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا فظفر المسلمون؛ وانهزم المشركون؛ وأكثر المسلمون القتل فيهم فما تركوا بها مخبرا وغنموا وسبوا، فلما فرغوا رجعوا حتى عبروا وضرب الإسلام فيها بجرانه.
وكتب العلاء إلى أبي بكر يعرفه هزيمة المرتدين، وقتل الحطم، وكان مع المسلمين راهب من أهل هجر فأسلم فقيل له: ما حملك على الاسلام؟ قال: ثلاثة أشياء: خشيت أن يمسخني الله بعدها فيض في الرمال، وتمهيد أثباج البحر، ودعاء سمعته في عسكرهم في الهواء سحرا: اللهم أنت الرحمن الرحيم، لا إله غيرك، والبديع فليس قبلك شيء، والدائم غير الغافل، الحي الذي لا يموت، وخالق ما يرى وما لا يرى وكل يوم أنت في شأن، علمت كل شيء