فهل لكم إلى قوم كرام * قعود في جواثا محصرينا كأن دماءهم في كل فج * شعاع الشمس تغشى الناظرينا توكلنا على الرحمن إنا * وجدنا النصر للمتوكلينا وكان سبب استنقاذ العلاء بن الحضرمي إياهم أن أبا بكر كان قد بعثه على قتال أهل الردة بالبحرين فلما كان بحيال اليمامة لحق به ثمامة بن أثال الحنفي في مسلمة بني حنيفة ولحق به أيضا قيس بن عاصم المنقري، وأعطاه بدل ما كان قسم من الصدقة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، وانضم إليه عمرو والأبناء، وسعد بن تميم، والرباب أيضا لحقته في مثل عدته، فسلك بهم الدهناء حتى [إذا] كانوا في بحبوحتها نزل وأمر الناس بالنزول في الليل فنفرت إبلهم بأحمالها فما بقي عندهم بعير ولا زاد ولا ماء، فلحقهم من الغم ما لا يعلمه إلا الله، ووصى بعضهم بعضا فدعاهم العلاء فاجتمعوا إليه. فقال: ما هذا الذي غلب عليكم من الغم؟ فقالوا: كيف نلام؟ ونحن إن بلغنا غدا لم تحم الشمس حتى نهلك. فقال: لن تراعوا أنتم المسلمون، وفي سبيل الله، وأنصار الله فأبشروا، فوالله لن تخذلوا.
فلما صلوا الصبح دعا العلاء ودعوا معه فلمع لهم الماء فمشوا إليه وشربوا واغتسلوا فما تعالى النهار حتى أقبلت الإبل تجمع من كل وجه فأناخت إليهم فسقوها، وكان أبو هريرة فيهم، فلما ساروا عن ذلك المكان قال لمنجاب بن راشد: كيف علمك بموضع الماء؟ قال: عارف به. فقال له: كن معي حتى تقيمني عليه. قال: فرجعت به إلى ذلك المكان فلم نجد إلا غدير الماء. فقلت له: والله لولا الغدير لأخبرتك أن هذا هو المكان، وما رأيت بهذا المكان ماء أ قبل اليوم، وإذا إداوة مملؤة ماء. فقال أبو هريرة: هذا والله المكان: وما رأيت ولهذا رجعت بك وملأت إداوتي ثم وضعتها على شفير الغدير، وقلت: إن كان منا من المن عرفته وإن كان عينا عرفته فإذا