العبد الأسود، فولت بنو حنيفة عند قتله منهزمة، وأخذهم السيف من كل جانب، وأخبر خالد بقتل مسيلمة فخرج بمجاعة يرسف في الحديد ليدله على مسيلمة فجعل يكشف له القتلى حتى مر بمحكم اليمامة، وكان وسيما فقال: هذا صاحبكم؟ فقال مجاعة: لا، هذا والله خير منه وأكرم هذا محكم اليمامة، ثم دخل الحديقة فإذا رويجل أصيفر اخينس فقال مجاعة: هذا صاحبكم قد فرغتم منه. وقال خالد: هذا الذي فعل بكم ما فعل.
وكان الذي قتل محكم اليمامة عبد الرحمن بن أبي بكر رماه بسهم في نحره وهو يخطب ويحرض الناس فقتله. وقال مجاعة لخالد: ما جاءك إلا سرعان الناس وإن الحصون مملؤة فهلم إلى الصلح على ما ورائي فصالحه على كل شيء دون النفوس. وقال: أنطلق إليهم فأشاورهم فانطلق إليهم، وليس في الحصون إلا النساء والصبيان ومشيخة فانية ورجال ضعفي فألبسهم الحديد، وأمر النساء أن ينشرن شعورهن ويشرفن على الحصون حتى يرجع إليهم، فرجع إلى خالد فقال: قد أبوا أن يجيزوا ما صنعت، فرأى خالد الحصون مملؤة وقد نهكت المسلمين الحرب وطال اللقاء وأحبوا أن يرجعوا على الظفر، ولم يدروا ما هو كائن، وقد قتل من المهاجرين والأنصار من أهل المدينة ثلاثمائة وستون، ومن المهاجرين من غير المدينة ثلاثمائة رجل، وقتل ثابت بن قيس قطع رجل من المشركين رجله فأخذها ثابت وضربه بها فقتله، وقتل من بني حنيفة بعقرباء سبعة آلاف وبالحديقة مثلها، وفي الطلب نحو منها، وصالحه خالد على الذهب، والفضة، والسلاح ونصف السبي، وقيل: ربعه.
فلما فتحت الحصون لم يكن فيها إلا النساء والصبيان والضعفاء فقال خالد لمجاعة: ويحك خدعتني. فقال: هم قومي، ولم أستطع إلا ما صنعت.
ووصل كتاب أبي بكر إلى خالد أن يقتل كل محتلم، وكان قد صالحهم فوفى لهم ولم يغدر. ولما رجع الناس قال عمر لابنه عبد الله وكان معهم: