أعظم نكاية غير أن القتل كان في المهاجرين والأنصار وأهل القرى أكثر منهم في أهل البوادي.
وثبت مسيلمة فدارت رحاهم عليه، فعرف خالد أنها لا تركد إلا بقتل مسيلمة، ولم تحفل بنو حنيفة بمن قتل منهم، ثم برز خالد، ودعا إلى البراز ونادى بشعارهم وكان شعارهم: يا محمداه! فلم يبرز إليه أحد إلا قتله. ودارت رحى المسلمين، ودعا خالد مسيلمة فأجابه فعرض عليه أشياء مما يشتهي مسيلمة، فكان إذا هم بجوابه أعرض بوجهه ليستشير شيطانه. فينهاه أن يقبل. فأعرض بوجهه مرة، وركبه خالد وأرهقه فأدبر وزال أصحابه، وصاح خالد في الناس فركبوهم فكانت هزيمتهم. وقالوا لمسيلمة: أين ما كنت تعدنا؟ فقال: قاتلوا عن أحسابكم. ونادى المحكم: يا بني حنيفة الحديقة الحديقة فدخلوها وأغلقوا عليهم بابها.
وكان البراء بن مالك، وهو أخو أسد بن مالك، إذا حضر الحرب أخذته رعدة حتى يقعد عليه الرجال، ثم يبول فإذا بال ثار كما يثور الأسد؛ فأصابه ذلك فلما بال وثب وقال: إلى أيها الناس، أنا البراء بن مالك إلى إلف، وقاتل قتالا شديدا؛ فلما دخلت بنو حنيفة الحديقة قال البراء: يا معشر المسلمين ألقوني عليهم في الحديقة. فقالوا: لا نفعل. فقال: والله لتطرحنني عليهم بها فاحتمل حتى أشرف على الجدار فاقتحمها عليهم وقاتل على الباب وفتحه للمسلمين، ودخلوها عليهم فاقتتلوا أشد قتال وكثر القتلى في الفريقين لا سيما في بني حنيفة فلم يزالوا كذلك حتى قتل مسيلمة، واشترك في قتله وحشي مولى جبير بن مطعم ورجل من الأنصار، أما وحشي فدفع عليه حربته، وضربه الأنصاري بسيفه. قال ابن عمر: فصرخ رجل قتله