ذكر ما فعله كسرى في أمر الخراج والجند كان ملوك الفرس يأخذون من غلات كورهم قبل ملك كسرى أنوشروان في خراجها من بعضها الثلث ومن بعضها الربع وكذلك الخمس والسدس على قدر شربها وعمارتها ومن الجزية شيئا معلوما فأمر الملك قباذ بمسح الأرضين ليصح الخراج عليها فمات قبل الفراغ من ذلك فلما ملك أنوشروان أمر باستتمام ذلك ووضع الخراج على الحنطة والشعير والكرم والرطب والنخل والزيتون والأرز على كل نوع من هذه الأنواع شيئا معلوما ويؤخذ في السنة ثلاثة أنجم (وهي الوضائع التي اقتدى بها عمر بن الخطاب) وكتب كسرى إلى القضاة في البلاد نسخة بالخراج ليمتنع العمال من الزيادة عليه وأمر أن يوضع عمن أصابت غلته جائحة بقدر جائحته وألزموا الناس الجزية ما خلا العظماء وأهل البيوتات والجند والهرابذة والكتاب ومن في خدمة الملك كل إنسان على قدره اثني عشر درهما وثمانية دراهم وستة دراهم وأربعة دراهم وأسقطها [عمر] عمن لم يبلغ عشرين سنة أو جاوز خمسين سنة.
ثم إن كسرى ولى رجلا من الكتاب من الكفاة والنبلاء اسمه (بابك) عرض جيشه فطلب من كسرى التمكن من شغله إلى ذلك فتقدم ببناء مصطبة موضع عرض الجيش وفرشها ثم نادى أن يحضر الجند بسلاحهم وكراعهم للعرض فحضروا فحيث لم ير معهم كسرى أمرهم بالانصراف فعل ذلك يومين ثم أمر فنودي في اليوم الثالث أن لا يتخلف أحد ولا من أكرم بتاج فسمع كسرى فحضر وقد لبس التاج والسلاح ثم أتى بابك ليعرض عليه فرأى سلاحه تاما ما عدا وترين للقوس كان عادتهم أن يستظهروا