فأجابه الحارث: قد أعددت لك المرد على الجرد. فسار المنذر حتى نزل بمرج حليمة فتركه من به من غسان للأسود وإنما سمي مرج حليمة بحليمة ابنة الحارث الغساني وسنذكر خبرها عند الفراغ من هذا اليوم.
ثم إن الحارث سار فنزل بالمرج أيضا فأمر أهل القرى التي في المرج فكان يصنعوا الطعام لعسكره ففعلوا ذلك وحملوه في الجفان وتركوه في العسكر فكان الرجل يقاتل فإذا أراد الطعام جاء إلى تلك الجفان فأكل منها فأقامت الحرب بين الأسود والحارث أياما [لم] ينتصف بعضهم من بعض فلما رأى الحارث ذلك قعد في قصره ودعا ابنته هند وأمرها فاتخذت طيبا كثيرا في الجفان وطيبت به أصحابه ثم نادى يا فتيان غسان من قتل ملك الحيرة زوجته ابنتي هند.
فقال لبيد بن عمرو الغساني لأبيه يا أبت أنا قاتل ملك الحيرة أو مقتول دونه لا محالة ولست أرضى فرسي فأعطني فرسك الزيتية فأعطاه فرسه. فلما زحف الناس واقتتلوا ساعة شد لبيد على الأسود فضربه ضربه فألقاه عن فرسه وانهزم أصحابه في كل وجه ونزل فاحتز رأسه وأقبل به إلى الحارث وهو على قصره ينظر إليهم فألقى الرأس بين يديه فقال له الحارث شأنك بابنة عمك فقد زوجتكها. فقال بل أنصرف فأولى أصحابي بنفسي فإذا انصرف الناس انصرفت. فرجع فصادف أخا الأسود قد رجع إليه الناس وهو يقاتل وقد اشتدت نكايته فتقدم لبيد فقاتل فقتل ولم يقتل في هذه الحروب بعد تلك الهزيمة غيره وانهزمت لخم هزيمة ثانية وقتلوا في كل وجه وانصرفت غسان بأحسن ظفر.
وذكر أن الغبار في هذا اليوم اشتد وكثر حتى ستر الشمس وحتى ظهرت الكواكب المتباعدة عن مطالع الشمس لكثرة العساكر لأن الأسود سار بعرب العراق أجمع وسار الحارث بعرب الشام أجمع، وهذا اليوم من