بالعقوبة فأحوجهم إلى الخلاف عليه على ما نذكره إن شاء الله وسار هرقل حتى قارب المدائن ثم عاد إلى بلاده.
وكان سبب عوده أن كسرى لما عجز عن هرقل أعمل الحيلة فكتب كتابا إلى شهربراز يشكره ويثني عليه ويقول له أحسنت في فعل ما أمرتك به من مواصلة ملك الروم وتمكينه من البلاد والآن فقد أوغل وأمكن من نفسه فتجيء أنت من خلفه وأنا من بين يديه ويكون اجتماعنا عليه يوم كذا فلا يفلت منهم أحد ثم جعل الكتاب في عكاز أبنوس وأحضر راهبا [كان] في دير عند المدائن وقال له لي إليك حاجة فقال الراهب الملك أكبر من أن يكون له إلي حاجة ولكنني عبده قال إن الروم قد نزلوا قريبا منا وقد حفظوا الطرق عنا ولي إلى أصحابي الذين بالشام حاجة وأنت نصراني إذا جزت على الروم لا ينكرونك وقد كتبت كتابا وهو في هذه العكازة فتوصله إلى شهربراز وأعطاه مائتي دينار. فأخذ الكتاب وفتحه وقرأه ثم أعاده وسار فلما صار بالعسكر ورأى الروم والرهبان والنواقيس رق قلبه وقال أنا شر الناس إن أهلكت النصرانية فأقبل إلى سرادق الملك وأنهى حاله وأوصل الكتاب إليه فقرأه ثم أحضر أصحابه رجلا قد أخذوه من طريق الشام قد واطأه كسرى ومعه كتاب قد افتعله على لسان شهربراز إلى كسرى يقول إني ما زلت أخادع ملك الروم حتى اطمأن إلي وجاز إلى البلاد كما أمرتني فيعرفني الملك في أي يوم يكون لقاؤه حتى أهجم أنا عليه من ورائه والملك من بين يديه فلا يسلم هو ولا أصحابه وأمره أن يتعمد طريقا يؤخذ فيها.
فلما قرأ ملك الروم الكتاب الثاني تحقق الخبر فعاد شبه المنهزم مبادرا إلى