وبسطام خالا أبرويز فخلعوا هرمز وسملوا عينيه وتركوه تحرجا من قتله وبلغ أبرويز الخبر فأقبل من أذربيجان إلى دار الملك.
وكان ملك هرمز إحدى عشرة سنة وتسعة أشهر وقيل اثنتي عشرة سنة ولم يسلم من ملوك الفرس غيره ولا قبله ولا بعده.
ومن محاسن السير ما حكي عنه أنه لما فرغ من بناء داره التي تشرف على دجلة مقابل المدائن عمل وليمة عظيمة وأحضر الناس من الأطراف فأكلوا ثم قال لهم هل رأيتم في هذه الدار عيبا فكلهم قال لا عيب فيها فقام رجل وقال فيها ثلاثة عيوب فاحشة أحدها أن الناس يجعلون دورهم في الدنيا وأنت جعلت الدنيا في دارك فقد أفرطت في توسيع صحونها وبيوتها فتتمكن الشمس في الصيف والسموم فيؤذي ذلك أهلها ويكثر فيها في الشتاء البرد والثاني أن الملوك يتوصلون في البناء على الأنهار لتزول همومهم وأفكارهم بالنظر إلى المياه ويترطب الهواء وتضئ أبصارهم وأنت قد تركت دجلة وبنيتها في القفر والثالث أنك جعلت حجرة النساء مما يلي الشمال من مساكن الرجال وهو أدوم هبوبا فلا يزال الهواء يجيء بأصوات النساء وريح طيبهن وهذا ما تمنعه الغيرة والحمية.
فقال هرمز: أما سعة الصحون والمجالس فخير المساكن ما سفر فيه البصر وشدة الحر والبرد يدفعان بالخيش والملابس والنيران وأما مجاورة الماء فكنت عند أبي وهو يشرف على دجلة فغرقت سفينة تحته فاستغاث من بها إليه وأبي يتأسف عليهم ويصيح بالسفن التي تحت داره ليلحقوهم فإلى أن