ما أكلوا وما على أبدانهم وقال لأصحابه إنما أحرقت ذلك لئلا يأخذه الحبشة إن ظفروا بكم وإن نحن ظفرنا بهم فسنأخذ أضعافه فإن كنتم تقاتلون معي وتصبرون أعلمتموني ذلك وإن كنتم لا تفعلون اعتمدت على سيفي حتى يخرج من ظهري فانظروا ما حالكم إذا فعل رئيسكم هذا بنفسه قالوا بل نقاتل معك حتى نموت أو نظفر وقال لسيف بن ذي يزن ما عندك قال ما شئت من رجل عربي وسيف عربي ثم اجعل رجلي حتى نموت جميعا أو نظفر جميعا قال: أنصفت.
فجمع إليه سيف من استطاع من قومه فكان أول من لحقه السكاسك من كندة وسمع بهم مسروق بن أبرهة فجمع إليه جنده فعبى وهرز أصحابه وأمرهم أن يوتروا قسيهم وقال إذا أمرتكم بالرمي فارموا رشقا.
وأقبل مسروق في جمع لا يرى طرفاه، وهو على فيل وعلى رأسه تاج وبين عينيه ياقوته حمراء مثل البيضة لا يرى دون الظفر شيئا. وكان وهرز كل بصره، فقال: أروني عظيمهم. فقالوا: هذا صاحب الفيل، ثم ركب فرسا فقالوا ركب فرسا ثم انتقل إلى بغلة فقالوا ركب بغلة فقال وهرز ارفعوا لي حاجبي وكانا قد سقطا على عينيه من الكبر فرفعوهما لها بعصابة ثم جعل نشابة في كبد قوسه وقال أشيروا إلى مسروق فأشاروا إليه فقال لهم سأرميه فإن رأيتم أصحابه وقوفا لم يتحركوا فاثبتوا حتى أوذنكم فإني قد أخطأت الرجل وإن رأيتموهم قد استداروا ولاذوا به فقد أصبته فاحملوا عليهم ثم رماه فأصاب السهم بين عينيه ورمى أصحابه فقتل مسروق وجماعة من أصحابه فاستدارت الحبشة بمسروق وقد سقط عن دابته وحملت الفرس عليهم فلم يكن دون الهزيمة شيء وغنم الفرس من عسكرهم مالا يحد ولا يحصى.