فلم يقبلوا منه وداموا على الغارة فكتب إليهم أيضا:
أبلغ إيادا وخلل في سراتهم * إني أرى الرأي إن لم أعص قد نصعا.
وهي قصيدة مشهورة من أجود ما قيل في صفة الحرب فلم يحذروا وأوقع بهم سابور وأبادهم قتلا إلا من لحق بأرض الروم فهذا فعله بالعرب.
وأما الروم فإن سابور كان هادن ملكهم وهو قسطنطين وهو أول من تنصر من ملوك الروم ونحن نذكر سبب تنصره عند الفراغ من ذكر سابور إن شاء الله. ومات قسطنطين وفرق ملكه بين ثلاثة بنين كانوا له فملكوا وملكت الروم عليهم رجلا من أهل بيت قسطنطين يقال له (اليانوس) وكان على ملة الروم الأولى ويكتم ذلك فلما ملك أظهر دينه وأعاد ملة الروم وأخرب البيع وقتل الأساقفة ثم جمع جموعا من الروم والخزر وسار نحو سابور واجتمعت العرب للانتقام من سابور فاجتمع في عسكر اليانوس منهم خلق كثير وعادت عيون سابور إليه فاختلفوا في الأخبار فسار سابور بنفسه مع جماعة من ثقاته نحو الروم فلما قرب من يوسانوس وهو على مقدمة اليانوس اختفى وأرسل بعض من معه من الروم فأخذوا وأقر بعضهم على سابور فأرسل يوسانوس إليه سرا ينذره فارتحل سابور إلى عسكره وتحارب هو والعرب والروم فانهزم عسكره وقتل منهم مقتلة عظيمة وملكت الروم مدينة طيسفون وهي المدائن الشرقية وملكوا أيضا أموال سابور وخزائنه.