واقتتلوا والتحمت الحرب وحمى الوطيس وحمل إسفنديار على جانب من العسكر فأثر فيه ووهنه وتابع الحملات وفشا في الترك أن اسفنديار هو المتولي لحربهم فانهزموا لا يلوون على شيء وانصرف اسفنديار وقد ارتجع درفش كابيان.
فلما دخل على أبيه استبشر به وأمره باتباع الترك ووصاه بقتل ملكهم ومن قدر عليه من أهله ويقتل من الترك من أمكنه قتله وأن يستنقذ السبايا والغنائم التي أخذت من بلادهم فسار اسفنديار ودخل بلاد الترك وقتل وسبى وأخرب وبلغ مدينتهم العظمى ودخلها عنوة وقتل الملك وإخوته ومقاتلته واستباح أمواله وسبى نساءه واستنقذ أختيه ودوخ البلاد وانتهى إلى آخر حدود بلاد الترك وإلى التبت وأقطع بلاد الترك وجعل كل ناحية إلى رجل من وجوه الترك بعد أن أمنهم ووظف عليهم خراجا يحملونه كل سنة إلى أبيه بشتاسب ثم عاد إلى بلخ.
فحسده أبوه بما ظهر منه من حفظ الملك والظفر بالترك وأسر ذلك في نفسه وأمره بالتجهيز والمسير إلى قتال رستم الشديد بسجستان وقال له هذا رستم متوسط بلادنا ولا يعطينا الطاعة لأن الملك كيكاووس أعتقه فأقطعه إياها وقد ذكرنا ذلك في ملك كيكاووس وكان غرض بشتاسب أن يقتله رستم أو يقتل هو رستم فإنه كان أيضا شديد الكراهية لرستم فجمع العساكر وسار إلى رستم لينزع سجستان منه فخرج إليه رستم وقاتله فقتل اسفنديار قتله رستم ومات بشتاسب وكان ملكه مائة سنة واثنتي عشرة سنة وقيل مائة وعشرين سنة وقيل مائة وخمسين سنة.
وقيل: إنه جاءه رجل من بني إسرائيل زعم أنه نبي أرسل إليه واجتمع به ببلخ فكان يتكلم بالعبري وزرادشت نبي المجوس يعبر عنه وجاماسب العالم هو حاضر معهم يترجم أيضا عن الإسرائيلي وكان بشتاسب ومن قبله من آبائه وسائر الفرس يدينون بدين الصائبة قبل زرادشت.