بهمن من ذلك واستعمل بختنصر على أقاليم بابل وسيره في جنوده الكثيرة فعمل بهم ما نذكره.
هذه الأسباب الظاهرة. وإنما السبب الكلي الذي أحدث هذه الأسباب الموجبة للانتقام من بني إسرائيل هو معصية الله تعالى ومخالفة أوامره وكانت سنة الله تعالى في بني إسرائيل أنه إذا ملك عليهم ملكا أرسل الله معه نبيا يرشده ويهديه إلى أحكام التوراة فلما كان قبل مسير بختنصر إليهم كثرت فيهم الأحداث والمعاصي وكان الملك فيهم يقونيا بن يوياقيم فبعث الله إليه أرميا قيل هو الخضر عليه السلام فأقام فيهم يدعوهم إلى الله وينهاهم عن المعاصي ويذكر لهم نعمة الله عليهم بإهلاك سنحاريب فلم يرعووا فأمره الله أن يحذرهم عقوبته وأنهم إن لم يراجعوا الطاعة سلط عليهم من يقتلهم ويسبي ذراريهم ويخرب مدينته ويستعبدهم ويأتيهم بجنود ينزع من قلوبهم الرأفة والرحمة فلم يراجعوها فأرسل الله إليهم لأقيضن لهم فتنة تذر الحليم حيران ويضل فيها رأي ذي الرأي وحكمة الحكيم ولأسلطن عليهم جبارا قاسيا عاتيا ألبسه الهيبة وأنزع من صدره الرحمة يتبعه عدد مثل سواد الليل وعسكر مثل قطع السحاب يهلك بني إسرائيل وينتقم منهم ويخرب بيت المقدس.
فلما سمع أرميا ذلك صاح وبكى وشق ثيابه وجعل الرماد على رأسه وتضرع إلى الله في رفع ذلك عنهم في أيامه.
فأوحى الله إليه وعزتي لا أهلك بيت المقدس وبني إسرائيل حتى