حارب منوجهر بعد قتله طوج بستين سنة وحاصره بطبرستان ثم اصطلحا أن يجعلا حد ما بين ملكيهما رمية سهم رجل من أصحاب منوجهر اسمه إيرشى وكان راميا شديد النزع فرمى سهما من طبرستان فوقع بنهر بلخ وصار النهر حد ما بين الترك ولد طوج وعمل منوجهر.
قلت: وهذا من أعجب ما يتداوله الفرس في أكاذيبهم أن رمية سهم تبلغ هذا كله.
وقد ذكر أن منوجهر اشتق من الفرات ودجلة ونهر بلخ أنهارا عظاما وأمر بعمارة الأرض وقيل إن الترك تناولت من أطراف رعيته بعد خمس وثلاثين سنة من ملكه فوبخ قومه وقال لهم أيها الناس إنكم لم تلدوا الناس كلهم وأنما الناس ناس ما ناضلوا عن أنفسهم ودفعوا العدو عنهم وقد نالت الترك من أطرافكم وليس ذلك إلا بترككم جهاد عدوكم وإن الله أعطانا هذا الملك ليبلونا أنشكر أم نكفر فيعاقبنا فإذا كان غد فاحضروا.
فحضر الناس والاشراف، فقام على قدميه، فقام له الناس، فقال: اقعدوا إنما قمت لأسمعكم فجلسوا فقال: أيها الناس إنما الخلق للخالق والشكر للمنعم والتسليم للقادر ولا بد مما هو كائن وأنه لا أضعف من مخلوق طالبا كان أو مطلوبا ولا أقوى من خالق ولا أقدر ممن طلبته في يده ولا أعجز ممن هو في يده طالبا وإن التفكر نور والغفلة ظلمة فالضلالة جهالة وقد ورد الأول ولا بد للآخر من اللحاق بالأول إن الله أعطانا هذا الملك فله الحمد ونسأله الهام الرشد والصدق واليقين وأنه لا بد أن يكون للملك على أهل مملكته حق ولأهل مملكته عليه حق فحق الملك عليهم أن يطيعوه ويناصحوه ويقاتلوا عدوه وحقهم على الملك أن يعطيهم