فرسخ برا وبحرا في الليل، ويرى في شراره إذا علا لهبه في الجو جثث كأبدان الناس وتنعكس إلى البحر وتطفو فوق الماء فهو الحجر الأبيض الخفيف الذي يحك به الكتابة من الدفاتر والرقوق وغيرها ويعرف بالفنسك ويسمى أيضا القيشورا، وقد يوجد بنواحي هذه الأطمة الحجر المعروف باليشب النافع لأوجاع البطن والمعدة إذا علق عليها وللماء الأصفر وقد يفعل ذلك الحجر المعروف بالبسد وهو أصل المرجان وهو من هذا البحر يخرج، وفى هذه الأطمة هلك فرفوريوس صاحب كتاب ايساغوجي وهو المدخل إلى كتب أرسطاطاليس في المنطق، وقد ذكر ذلك غير واحد ممن تقدم وتأخر منهم يعقوب بن إسحاق الكندي وأحمد بن الطيب في أول مختصره لكتب المنطق ذكر البحر الثالث وهو الخزري والبحر الخزري هو بحر الخزر والباب والأبواب وأرمينية وآذربيجان وموقان والجيل والديلم وآبسكون وهي ساحل جرجان وطبرستان وخوارزم وغير ذلك من دور الأعاجم ومساكنهم المطيفة به طوله ثمانمائة ميل وعرضه ستمائة ميل وقيل أكثر من ذلك وهو مصراني الشكل إلى الطول ما هو، ومن الناس من يسميه البحر الخراساني لاتصاله ببلاد خوارزم من أرض خراسان وعليه كثير من بوادي الغزية من الترك في مفاوز هنالك، وعليه أيضا الموضع المعروف بباكه وهي النفاطة من مملكة شروان مما يلي الباب والأبواب، ومن هناك يحمل النفط الأبيض وهناك آطام وهي عيون النيران تظهر من الأرض، وفيه جزائر مقابل النفاطة فيها عيون للنيران كبيرة، ترى في الليل على مسافة نائية وقد ذكرنا في كتاب (مروج الذهب ومعادن الجوهر) اخبار سائر الآطام مما في المعمور من الأرض كأطمة صقلية المقدم ذكرها وأطمة وادى برهوت من
(٥٣)