فإذ قد ذكرنا الرياح ومهابها وما اتصل بذلك فلنذكر الأرض وشكلها ومساحتها والنواحي والآفاق وغير ذلك ذكر الأرض وشكلها وما قيل في مقدار مساحتها وعامرها وغامرها، والنواحي والآفاق وما يغلب عليها وتأثيرها في سكانها وما اتصل بذلك قسم الله تبارك وتعالى الأرض قسمين مشرقا ومغربا فصار المشرق والتيمن وهو الجنوب جوهرا واحدا، لغلبة الحرارة عليهما وصارت جهة المغرب والجربي وهو الشمال جوهرا واحدا لغلبة البرودة عليهما وشدتها فيهما، وذلك لبعد الشمس من ناحية الجربى، لان المحور على تلك الناحية وهي أشدهما ارتفاعا، فمن أجل ذلك صار الجربى باردا رطبا، وصار المغرب أقل بردا من الجربى، وأكثر يبسا لانحطاط الفلك هناك، وهاتان الجهتان المشرق والتيمن بخلاف ذلك لدنو الشمس منهما والعالم أربعة أرباع فالربع الشرقي وهو ما تسافل عن خط الجنوب والشمال إلى المشرق فهو ربع مذكر يدل على طول الأعمار، وطول مدد الملك والتذكير وعزة الأنفس وقلة كتمان السر واظهار الأمور والمباهاة بها، وما لحق بذلك، وذلك لطباع الشمس وعلمهم الاخبار والتواريخ والسير والسياسات والنجوم وأما أهل الربع الغربي، فان الغالب عليه التأنيث إلا ما استولت عليه الكواكب المذكرة، كما يغلب التذكير على المشرق الا ما غلبته عليه الكواكب المؤنثة، وأهله أهل الكتمان للسر وتدين وتأله، وكثرة انقياد إلى الآراء والنحل، وما لحق بهذه المعاني إذ كان من قسم القمر
(٢١)