تخرج من جبل القمر وراء خط الاستواء بسبع درج ونصف، وذلك مائة فرسخ وأحد وأربعون فرسخا وثلثا فرسخ، يكون أميالا أربعمائة ميل وخمسة وعشرين ميلا ثم يتشعب من هذه العين عشرة أنهار تصب كل خمسة منها في بطيحة من بطيحتين في الناحية الجنوبية وراء خط الاستواء ثم يتشعب من كل بطيحة منها ثلاثة أنهار تجتمع جميعا إلى بطيحة في الإقليم الأول فيخرج من هذه البطيحة نيل مصر فيقطع بلاد السودان ويمر بمدينة علوة دار مملكة النوبة، ثم بمدينة دنقلة لهم أيضا ويخرج عن الإقليم الأول حتى ينتهى إلى الإقليم الثاني ويصير إلى مدينة أسوان من صعيد مصر، وهي أول مدن الاسلام مما يلي النوبة ثم يقطع صعيد مصر ويمر بفسطاطها إلى أن يصب في البحر الرومي من مصاب كثيرة وذلك في الإقليم الثالث ومن خط الاستواء إلى مدينة الإسكندرية التي إليها ينتهى أحد مصبات النيل على شاطئ البحر ثلاثون درجة تكون من الأميال ألف ميل وثمانمائة ميل وعشرين ميلا يكون فراسخ ستمائة فرسخ وستة فراسخ وثلثي فرسخ فيكون من مبدئه من جبل القمر إلى منتهاه في البحر الرومي سبعمائة فرسخ وثمانية وأربعين فرسخا وثلثي فرسخ، تكون أميالا ألفين ومائتين وخمسة وأربعين ميلا ومن الناس من يرى أن من مبدئه إلى مصبه ألف فرسخ ومائة فرسخ ونيفا وثلاثين فرسخا ويقرب من جبل القمر هذا كثير من أحواز الزنج ومساكنهم إلى أن يتصل ذلك ببلاد سفالة الزنج وجزيرة قنبلو وأهلها مسلمون وبلاد بربرا وحفوني وقد ذكرنا فيما سلف من كتبنا العلة في نسبة هذا الجبل إلى القمر وما يظهر فيه من التأثيرات البينة العجيبة عند زيادة القمر ونقصانه، وما قالته الفلاسفة في ذلك وأصحاب الاثنين من المانوية وغيرهم ومنها نهر سيحان وهو أذنة من الثغر الشأمي ومخرجه من مدينة سيحان
(٥١)