يابس شديد الحرارة يدل على ذلك مرارة لحمه، وجلده أشد حرا من جلود سائر الأوبار وهو يشبه في مزاجه بالنار لغلبة الحرارة واليبس عليه يصلح لبسه للمرطوبين والشيوخ، وقد كان المهدى في مقامه بالري أحب امتحان أي الأوبار أشد حرارة، فعمد إلى عدة قوارير فملأها ماء وشد رؤوسها بأنواع من الأوبار، وكان ذلك في سنة شديدة البرد وكثيرة الثلج، ثم دعا بها حين أصبح فوجدها جامدة إلا ما شد رأسه بجلد الثعلب الأسود فإنه لم يجمد، فعلم أنه أشدها حرا ويبسا ومنها نهر الخزر، المعروف بأوم، وهو من أعظم دجلة والفرات والنهر العظيم المعروف بكزل روذ تفسير ذلك نهر الذئب وتنحلب إليه المياه من جبل القبق ومصبه هذا إلى البحر مما يلي الباب والأبواب، وعليه هناك قنطرة عظيمة عجيبة البناء نحو من قنطرة سنجة وقنطرة سنجة إحدى عجائب العالم وهي بناحية سميساط من الثغور الجزرية وسنجة نهر تعرف القنطرة به يصب إلى الفرات ومنها نهر كالف وهو جيحون نهر بلخ والترمذ وخوارزم مبدؤه من عيون في الإقليم الخامس وراء الرباط المعروف ببدخشان، وهو على نحو عشرين يوما من مدينة بلخ، وآخر أعمالها من ذلك الوجه وهذا الرباط ثغر بإزاء أجناس من الترك يقال لهم أو خان وتبت وأيغان حضر وبدو ويعرف هذا النهر هناك بهذا الجنس أيغان وتصب إليه أنهار كثيره وينحلب إليه مياه عظيمة فيكمل هذا النهر فوق مدينة الترمذ بفرسخين ويدعى هذا الموضع ماله ويعظم ماؤه ويكثر ويستبحر ويأتي الترمذ وهي عالية راكبة عليه من الجانب الشرقي مقابلة لرباط لبلخ من الجانب الغربي على اثنى عشر فرسخا من بلخ وهذا الموضع أضيق أعبار هذا النهر وأغزرها ماء عرضه نحو من ميلين وقد ينبسط في غير هذا العبر كعبرزم وهو أسفل من عبر الترمذ بنحو من أربعين فرسخا، وزم مدينة
(٥٦)