وكانت السلامة بحمد الله شاملة للناس، والتهدم قليل وقد كان خسف بضياع كثيرة وقرى وعمائر واسعة من بلاد كش، ونسف مما يلي سمرقند من أرض خراسان، بزلازل تواترت كان مبدؤها من نحو بلاد الصين إلى أن اتصلت ببلاد فرغانة، وهذه البلاد هلك فيها خلق كثير من الناس فمنها ما صار موضعها آجاما ومياها سودا منتنة، ومنها ما صارت كالرماد لانقلابها في سفوح جبال شاهقة منيعة، وذلك مشهود ببلاد خراسان وغيرها، وقد ذكرنا ما قاله الناس من الشريعيين وغيرهم في الزلازل وحدوثها والهدات والخسوف وكونها فيما تقدم من كتبنا فإذ قد ذكرنا الأقاليم السبعة، وما قيل في أطوالها وعروضها، ووصفنا الإقليم الرافع وفضله على سائرها وما اتصل بذلك، فلنذكر البحار وكمية أعدادها ومقادير مسافاتها وغير ذلك من الاخبار عنها ذكر البحار واعدادها وما قيل في أطوالها وعروضها واتصالها وانفصالها، ومصبات عظام الأنهار إليها وما يحيط بها من الممالك وغير ذلك من أحوالها تنازع من سلف وخلف في البحار واعدادها ومسافاتها وأطوالها وعروضها واتصالها وانفصالها وجزرها ومدها وغير ذلك من أحوالها، ونحن ذاكرون أصح ما نقل في ذلك وأشهره ومبينوه، إذ كنا عنينا بذلك برهة من دهرنا وصرفنا إليه هممنا مشاهدة وخبرا، حتى وقفنا منه على ما نظن أنه استغلق على غيرنا علمه وغرب عليهم فهمه، فأول ما نبدأ من ذلك بوصف البحر الحبشي إذ كان أعظم ما في المعمور من البحار وأجلها قدرا وأعظمها خطرا لاكتناف الممالك الجليلة
(٤٥)