ذكر الطبقة الثانية من ملوك الروم وهم المتنصرة وتأريخهم وأعدادهم. وما كان من الكوائن والاحداث العظام الديانية والملوكية في أيامهم أول ملوك هذه الطبقة قسطنطين بن قسطنس يعرف، بأمه هيلانى، وإليها ينسب على ما قدمنا، ملك اثنتين وثلاثين سنة وثلاثة أشهر وهو الذي أظهر دين النصرانية وحارب عليها حتى قبلت وانتشرت في البلاد إلى هذه الغاية، وقد ذكرنا في كتاب (الاستذكار، لما جرى في سالف الاعصار) التنازع في سبب تنصره وتركه ما كان عليه من مذاهب الحنفاء، وما قالت الحنفاء في ذلك من ظهور الوضح في جسمه وإجماعهم على خلعه، إذ كان في أصل دياناتهم وواجب عباداتهم أن من كان به ذلك لا يصلح للملك، وانه ما يل من فشى فيه دين النصرانية واستظهر بهم وبخاصته وصنائعه على من خالفه وأظهر النصرانية، إذ كان غير محظور فيها تمليك من به ذلك وقول من قال منهم انه كتم ما ظهر به وأفشاه إلى بعض وزرائه ممن كان يخفى النصرانية، وأعلمه انه يخشى خلعه عن الملك، فضمن له القيام بكفايته ذلك وأنفذ عدة عساكر إلى من حوله من الأعداء مرة بعد أخرى، بأسماء الأصنام السبعة التي كانت على أسماء الكواكب السبعة، ومثالات لها من النيرين والخمسة وكان الصابئون يقربون لها القرابين ويعتكفون على عبادتها، بعد أن جعلها في غاية الضعف فعادت منكوبة مهزومة، فأظهر الازراء بها والتنقص لمن يرى عبادتها، وأشار عليه حينئذ بالانتقال إلى النصرانية ففعل وما ذهب إليه النصارى من أن السبب في ذلك ظهور صليب له نوري في
(١١٩)