وكان ابيض مشربا حمرة، حسن الجسم، عريض الصدر، كث اللحية في عينيه نكتة بياض، يذهب في كثير من أموره مذاهب المأمون، شغل نفسه بمحنة الناس في الدين فأفسد قلوبهم، وأوجدهم السبيل إلى الطعن عليه وكان وزيره محمد بن عبد الملك الزيات على ما كان عليه في أيام المعتصم ونقش خاتمه " الله ثقة الواثق " وقاضيه أحمد بن أبي دؤاد، وحجابه حماد بن دنقش، وإيتاخ، ووصيف ذكر خلافة المتوكل وبويع المتوكل جعفر بن محمد المعتصم، ويكنى أبا الفضل، وأمه أم ولد طخارستانية تسمى شجاع - في اليوم الذي توفى فيه الواثق وبايع لبنيه الثلاثة بولاية العهد بعده: المنتصر، وأبى عبد الله المعتز، وإبراهيم المؤيد. وجفا الموالى من الأتراك واطرحهم، وحط مراتبهم، وعمل على الاستبداد * بهم والاستظهار عليهم.
وضم إلى وزيره عبيد الله بن يحيى بن خاقان نحوا من اثنى عشر ألفا من العرب والصعاليك وغيرهم برسم المعتز، وكان في حجره وضاق عليهم المال بشركة هؤلاء معهم فيه، وجعل يجيل الآراء في استئصالهم، ونال ابنه محمدا بأنواع الذلة والهوان، فأجمع على قتله، فواطأ وصيفا وبغا وغيرهم من الموالى على الفتك به، فأعدوا لذلك عدة من أصاغر الموالى منهم باغر وغيره فقتلوه بمدينته المسماة الجعفرية من سر من رأى ليلة الأربعاء لثلاث ليال خلون من شوال سنة 247، وله إحدى وأربعون سنة، وكانت خلافته أربع عشرة سنة وتسعة أشهر، وتسعة أيام وكان أسمر رقيق البشرة، يضرب لونه إلى الصفرة حسن الوجه، خفيف