تلك الجزيرة وأمرها مشتهر، وغير ذلك من الآطام ومما يصب إلى هذا البحر من الأنهار العظام المشهورة نهر ارتيش الأسود ونهر ارتيش الأبيض وهما عظيمان يزيد كل واحد منهما على دجلة والفرات وبين مصبيهما نحو من عشرة أيام وعليهما مشتى ومصيف الكيماكية والغزية من الترك ونهر الكر الذي يجتاز ببلاد تفليس ومدينة صغدبيل من ارض جرزان ثم ببلاد برذعة ويجتمع مع نهر الرس الذي هو نهر ورثان فيصبان جميعا فيه ونهر اسبيذروذ ومخرجه من ناحية سيسر وشاه روذ وهما يجتازان ببلاد آذربيجان والديلم ونهر الخزر الذي يمر بمدينة أتل دار مملكة الخزر في هذا الوقت وكانت دار مملكتهم قبل ذلك مدينة بلنجر. واليه يصب نهر برطاس، وبرطاس أمة عظيمة من الترك بين بلاد خوارزم ومملكة الخزر الا انها مضافة إلى الخزر تجرى في هذا النهر السفن العظام بالتجارات وأنواع الأمتعة من بلاد خوارزم وغيرها، ومن بلاد برطاس تحمل جلود الثعالب السود، وهي أكرم الأوبار وأكثرها ثمنا، ومنها الأحمر والأبيض الذي لا يفضل بينه وبين الفنك والخلنجى وشرها النوع المعروف بالأعرابي وليس يوجد الأسود منها في العالم الا في هذا الصقع وما قرب منه، ويتباهى ملوك الأمم من الأعاجم بلبس هذه الجلود ويتخذ منها القلانس والفراء ويبلغ الأسود منها الثمن الكثير، وقد يحمل منه إلى ناحية الباب والأبواب وبرذعة وغير ذلك من بلاد خراسان، وربما يحمل إلى بلاد الجربى من أرض الصقالبة لاتصالها بالجربى، ثم إلى بلاد الإفرنجة والأندلس ويصار بهذه الجلود من السود والحمر إلى بلاد المغرب فيتوهم المتوهم أنها من بلاد الأندلس وما اتصل بها من ديار الإفرنجة والصقالبة، وطبعها حار
(٥٥)