الثقيلة حتى إذا صارت إلى العذب من الأنهار عرف غرق بعضها، للطافة العذب وكثافة المالح، إذ كان الغليظ يمنع من الرسوب فيه. وقد استدل صاحب المنطق في كتاب الآثار العلوية على ذلك بأنه ان أخذ بيضة فصيرها في اناء فيه ماء عذب رسبت فيه، وإن ألقى في الماء ملحا يغلب عليه وتركه حتى ينحل فيه، أو أخذ من ماء البحر فصير البيضة فيه وجدها طافية. قال ويذكر الملاحون انهم يجدون السفينة التي تغرق في الماء العذب أبعد رسوبا من التي تغرق في البحر المالح، واستدل ببحيرة فلسطين فإنها شديدة المرارة والملوحة، وانه ان أخذ انسان أو دابة فشد وثاقا والقى فيها وجد طافيا على الماء لخفته عند غلظ الماء وثقله، وان غمس فيها ثوب وسخ استنقى من ساعته لشدة المرارة والملوحة، وانه لا يكون فيها شئ من السمك قال المسعودي: وهذه البحيرة التي ذكرها أرسطا طاليس وغيره هي البحيرة المنتنة بحيرة أريحا وزغر وقد شاهدناها وإليها يصب نهر الأردن الخارج من بحيرة طبرية ومواد بحيرة طبرية من نهر يصب إليها يخرج من بحيرة قدس وكفر لي يتحلب إلى هذه البحيرة مياه كثيرة من أعمال دمشق مما يلي القرعون والخيط وغيره. وإذا شق نهر الأردن البحيرة المنتنة وانتهى إلى وسطها متميزا من مائها غار هناك فخرج بين كفر سابا البريد وبين الرملة من بلاد فلسطين من عين عظيمة وهو نهر أبى فطرس يصب في البحر الرومي يكون مسافته على وجه الأرض بعض يوم وماؤه كالزئبق ثقلا وعليه الجادة، وانما عرف ما ذكرنا بأشياء ألقيت في نهر الأردن فظهرت في عين نهر أبى فطرس من امتحن ذلك بعض ذوي العناية بأمور العالم ممن ملك هذه البلاد في سالف الزمان فيما قيل وكذلك ذكر في زرنروذ نهر أصبهان انه ينتهي إلى رمل في آخر كورتها فيغور ثم يظهر بكرمان ويصب في البحر الحبشي، وانه انما عرف بذلك بان
(٦٤)