لا يجد الخير الا منه فالله تبارك وتعالى يجعل الموت راحة لنا من كل شر ويوصلنا به إلى كل خير وما أحسن الدعوة الشريفة النبوية اليوسفية حين بلغ أقصى مطالب الدنيا فارتاحت نفسه إلى المطلب الأسنى فقال عليه الصلاة والسلام: اللهم توفني مسلما وألحقني بالصالحين وأظنه والله سبحانه وتعالى أعلم يعني بالصالحين الرفيق الأعلى الذي سأله إياه سيد المرسلين عند انقضاء نصيبه من الدنيا وحين أصيبت به الاحياء فقال الرفيق الأعلى فنسألك اللهم ان تلحقنا بذلك الرفيق وتجعلنا من خير فريق. ومنها كتاب يصف فيه حاله وقد زهد في صحبة الملك وأعوانه لما قدموا عليه من قال فيه الطغرائي:
تقدمتني أناس كان سعيهم * وراء خطوي إذ أمشي على مهل وقد نالوا منه قولا من الزور وحسدوه على كثير من (عمله المبرور) ونصره الله تبارك وتعالى عليهم وجمل أحواله وصارت الرعية مراعية أقواله وأفعاله فكان من جملة مكاتبته ان قال: والله ما يسوءني ذلك لعلمي بما لي عند الله عز وجل وما والله أشك ان ذلك لما علمه الله تعالى من تقصيري فأراد الله سبحانه وتعالى اثبات حسنات لم أعملها بما سبق من احسانه كما فعل ذلك لأوليائه هذا حالي مع من الدنيا في يده والأسباب والرياسة مع اني قنعت بلا شئ وما زاحمت على شئ من وظائفهم ولا أرزاقهم وبالله يا أخي إذا دعوت الله تعالى فادع ان كان ما قالوه حقا ان يأخذ سبحانه مني أخذه من أعدائه وان كان محض الزوران يعوضني ما اقتضاه