ويصلحون به أحوالهم، فلم يزل ينازله حتى أطلق لهم خمسة آلاف [ألف] درهم.
فقال: يا أمير المؤمنين إن فرقها عليهم غيري خفت أن لا يقسم بالسوية، فائذن لي في تولى أمرها ليكون الأجر أوفر والثناء أكثر. قال: ذلك إليك. فقسمها على مقادير الناس، وما ذهب منهم بنهاية ما يقدر عليه من الاحتياط، واحتاج إلى زايدة فازدادها من المعتصم، وغرم من ماله في ذلك غرما كثيرا. فكانت هذه من فضائله التي لم يكن لأحد مثلها. قال عون: فلعهدي بالكرخ بعد ذلك وإن إنسانا لو قال زر ابن دؤاد وسخ لقتل.
وقال محمد بن يحيى: حدثني جرير بن أحمد بن أبي دؤاد حدثني على بن الحسين الإسكافي. قال: اعتل أبوك فعاده المعتصم وكان معه بغا، وكنت معه، لأني كنت أكتب لبغا، فقام فتلقاه وقال له: شفائي الله بالنظر إلى أمير المؤمنين، فدعا له بالعافية فقال له: قد تمم الله شفائي ومحق دائي بدعاء أمير المؤمنين، فقال له المعتصم:
إني نذرت إن عافاك الله أن أتصدق بعشرة آلاف دينار. فقال له: يا أمير المؤمنين فاجعلها لأهل الحرمين فقد لقوا من غلاء الأسعار عنفا. فقال: نويت أن أتصدق بها هاهنا، وأنا أطلق لأهل الحرمين مثلها. ثم نهض فقال له: أمتع الله الإسلام وأهله ببقائك يا أمير المؤمنين. فإنك كما قال النمري لأبيك الرشيد:
إن المكارم والمعروف أؤديه * أحلك الله منها حيث تجتمع من لم يكن بأمين الله معتصما * فليس بالصلوات الخمس ينتفع فقيل للمعتصم في ذلك، لأنه عاده وليس يعود إخوته وأجلاء أهله، فقال المعتصم:
وكيف لا أعود رجلا ما وقعت عيني عليه قط إلا ساق إلى أجرا أو أوجب لي شكرا، أو أفادني فائدة تنفعني في ديني ودنياي وما سألني حاجة لنفسه قط.
أخبرنا أبو على محمد بن الحسين الخارزمي حدثنا المعافى بن زكريا الجريري حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي حدثنا إسحاق بن محمد بن أبان النخعي قال أنشدني منشد لمروان بن أبي حفصة في ابن أبي دؤاد - لما نالته العلة الباردة:
لسان أحمد سيف مسه طبع * من علة فجلاها عنه جاليها ما ضر أحمد باقي علة درست * والله يذهب عنه رسم باقيها موسى بن عمران لم ينقص نبوته * ضعف اللسان به قد كان يمضيها قد كان موسى على علات منطقه * رسائل الله تأتيه يؤديها