أخبرني على بن أيوب القمي أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران الكاتب أخبرنا أبو بكر الجرجاني. قال سمعت أبا العيناء يقول: ما رأيت في الدنيا أحدا أحرص على أدب من ابن أبي دؤاد، ولا أقوم على أدب منه، وذلك أنى ما خرجت من عنده يوما قط فقال يا غلام خذ بيده، بل كان يقول: يا غلام اخرج معه، وكنت أفتقد هذه الكلمة عليه فلا يخل بها ولا أسمعها من غيره.
أخبرني محمد بن علي الصوري أخبرنا الحسن بن حامد الأديب حدثنا على بن محمد بن سعيد الموصلي حدثنا الحسن بن عليل حدثنا يحيى بن السري الكاتب حدثني محمد بن عبد الملك الزيات قال. كان رجل من دار عمر بن الخطاب لا يلقى ابن أبي دؤاد في محفل ولا وحده إلا لعنه ودعا عليه، وابن أبي دؤاد لا يرد عليه شيئا، قال محمد: فعرضت لذلك الرجل حاجة إلى المعتصم فسألني أن أرفع قصته إليه، فمطلته وأتيت ابن أبي دؤاد فلما ألح على أن أوصل قصته إليه وندمت من مطلى، فدخلت ذات يوم على أمير المؤمنين وقصته معي واغتنمت غيبة ابن أبي دؤاد رفعت قصته إليه فهو يقرأها إذ دخل ابن أبي دؤاد والقصة في يد أمير المؤمنين يقرأها، فلما قرأها دفعها إلى ابن أبي دؤاد. فلما نظر إليها واسم الرجل في أولها قال: يا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، يا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، يا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، يا أمير المؤمنين ينبغي أن تقضى لولده كل حاجة له، فوقع له أمير المؤمنين بقضاء الحاجة.
قال محمد بن عبد الملك: فخرجت والرجل جالس فدفعت إليه القصة وقلت:
تشكر لأبي عبد الله القاضي فهو الذي أعتق قصتك وسأل أمير المؤمنين في قضاء حاجتك، قال فوقف ذلك الرجل حتى خرج ابن أبي دؤاد فجعل يدعو له ويتشكر له. فقال له: اذهب عافاك الله، فإني إنما فعلت ذلك لعمر بن الخطاب لا لك.
أخبرني الصيمري حدثنا المرزباني أخبرني محمد بن يحيى. قال سمعت عون بن محمد الكندي يقول: لعهدي بالكرخ ببغداد وإن رجل لو قال ابن أبي دؤاد مسلم لقتل في مكانه، ثم وقع الحريق في الكرخ وهو الذي ما كان مثله قط، كان الرجل يقوم في صينية شارع الكرخ فيرى السفن في دجلة، فكلم ابن أبي دؤاد المعتصم في الناس وقال: يا أمير المؤمنين رعيتك في بلد آبائك ودار ملكهم، نزل بهم هذا الأمر فاعطف عليهم بشئ يفرق فيهم يمسك أرماقهم، ويبنون به ما انهدم عليهم،