2074 - أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد، أبو الطيب الجعفي الشاعر، المعروف بالمتنبي:
بلغني أنه ولد بالكوفة في سنة ثلاث وثلاثمائة، ونشأ بالشام وأكثر المقام بالبادية، وطلب الأدب وعلم العربية، ونظر في أيام الناس وتعاطى قول الشعر من حداثته حتى بلغ فيه الغاية التي فاق أهل عصره، وعلا شعراء وقته. واتصل بالأمير أبى الحسن بن حمدان المعروف بسيف الدولة، وانقطع إليه وأكثر القول في مديحه. ثم مضى إلى مصر فمدح بها كافور الخادم، وأقام هناك مدة، ثم خرج من مصر وورد العراق ودخل بغداد وجالس بها أهل الأدب وقرئ عليه ديوانه.
فحدثني أحمد بن أبي جعفر القطيعي عن أبي أحمد عبيد الله بن محمد بن أبي المسلم الفرضي. قال: لما ورد المتنبي بغداد سكن في ربض حميد. فمضيت إلى الموضع الذي نزل فيه لأسمع منه شيئا من شعره فلم أصادفه فجلست انتظره وأبطأ على فانصرفت من غير أن ألقاه ولم أعد إليه بعد ذلك، وقد كان القاضي أبو الحسين محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي سمع منه ديوانه ورواه عنه أخبرنا على بن المحسن التنوخي عن أبيه قال حدثني أبو الحسن محمد بن يحيى العلوي الزيدي. قال: كان المتنبي وهو صبي ينزل في جواري بالكوفة، وكان يعرف أبوه بعبدان السقا يسقى لنا ولأهل المحلة، ونشأ وهو محب للعلم والأدب، فطلبه وصحب الأعراب في البادية فجاءنا بعد سنين بدويا قحا وقد كان تعلم الكتابة والقراءة فلزم أهل العلم والأدب وأكثر ملازمة الوراقين. فكان علمه من دفاترهم.
فأخبرني وراق كان يجلس إليه يوما قال لي: ما رأيت أحفظ من هذا الفتى ابن عبدان قط! فقلت له: كيف؟ فقال: كان اليوم عندي وقد أحضر رجل كتابا من كتب الأصمعي سماه الوراق وأنسيه أبو الحسن يكون نحو ثلاثين ورقة ليبيعه. قال فأخذ ينظر فيه طويلا فقال له الرجل: يا هذا أريد بيعه وقد قطعتني عن ذلك فإن كنت تريد حفظه من هذه المدة [فبعيد. فقال له: أن كنت حفظته] فما لي عليك؟ قال:
أهب لك الكتاب. قال فأخذت الدفتر من يده فأقبل يتلوه على إلى آخره ثم استلبه