وصف البركة، لكان أشعر الناس في زمانه. والذي بنى الإيوان على ما ذكر عبد الله ابن مسلم بن قتيبة: هو سابور بن هرمز المعروف بذي الأكتاف، وقد بنى أيضا " ببلاد فارس وخراسان مدنا " كثيرة "، وله في كتب سير العجم أخبار عجيبة، وذكر أن مدة ملكه كانت اثنتين وسبعين سنة.
أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال: أنبأنا محمد بن عمران المرزباني قال: نبأنا أبو الحسين عبد الواحد بن محمد الخصيبي قال حدثني أبو علي أحمد بن إسماعيل قال: لما صارت الخلافة إلى المنصور هم بنقض إيوان المدائن فاستشار جماعة من أصحابه وكلهم أشار بمثل ما هم به وكان معه كاتب من الفرس فاستشاره في ذلك فقال له: يا أمير المؤمنين، أنت تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من تلك القرية - يعني المدينة - وكان له بها مثل ذلك المنزل، ولأصحابه مثل تلك الحجر، فخرج أصحاب ذلك الرسول حتى جاءوا مع ضعفهم إلى صاحب هذا الإيوان مع عزته وصعوبة أمره، فغلبوه وأخذوه من يديه قسرا " وقهرا " ثم قتلوه، فيجئ الجائي من أقاصي الأرض فينظر إلى تلك المدينة وإلى هذا الإيوان، ويعلم أن صاحبها قهر صاحب هذا الإيوان، فلا يشك أنه بأمر الله تعالى وإنه هو الذي أيده وكان معه ومع أصحابه، وفي تركه فخر لكم. فاستغشه المنصور واتهمه لقرابته من القوم، ثم بعث في نقض الإيوان فنقض منه الشئ اليسير، ثم كتب إليه: هو ذا يغرم في نقضه أكثر مما يسترجع منه وإن هذا تلف الأموال وذهابها فدعا الكاتب واستشاره فيما كتب به إليه. فقال: لقد كنت أشرت بشئ لم يقبل مني، فأما الآن فإني آنف لكم أن يكون أولئك بنوا بناء تعجزون أنتم عن هدمه، والصواب أن تبلغ به الماء، ففكر المنصور فعلم أنه قد صدق.
ثم نظر فإذا هدمه يتلف الأموال فأمر بالإمساك عنه.
أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي قال نبأنا إسماعيل بن سعيد بن سويد قال نبأنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال نبأنا أبو العباس المبرد قال أخبرني القاسم بن سهل النوشجاني: أن ستر باب الإيوان أحرقه المسلمون لما افتتحوا المدائن، فأخرجوا منه ألف ألف مثقال ذهبا "، فبيع المثقال بعشرة دراهم، فبلغ ذلك عشرة آلاف درهم.
* * *