من الماء لشفاههم، وأما العيب الثاني فان العين خضرة وتشتاق إلى الخضرة وليس في بنائك هذا بستان، وأما العيب الثالث فان رعيتك معك في بنائك وإذا كانت الرعية مع الملك في بنائه فشا سره. قال: فتجلد عليه المنصور. فقال له: أما قولك في الماء فحسبنا من الماء ما بل شفاهنا، وأما العيب الثاني فإنا لم نخلق للهو واللعب، وأما قولك في سري فمالي سر دون رعيتي. قال ثم عرف الصواب فوجه بشميس وخلاد - وخلاد، هو جد أبي العيناء - فقال: مدا لي قناتين من دجلة، واغرسوا لي العباسية، وانقلوا الناس إلى الكرخ.
قال الشيخ أبو بكر: مد المنصور قناة من نهر دجيل الآخذ من دجلة وقناة من نهر كرخايا الآخذ من الفرات، وجرهما إلى مدينته في عقود وثيقة من من أسفلها، محكمة بالصاروج والآجر من أعلاها، وكانت كل قناة منهما تدخل المدينة وتنفذ في الشوارع والدروب والأرباض، وتجري صيفا " وشتاء " لا ينقطع ماؤها في وقت، وجر لأهل الكرخ وما اتصل به [نهرا " يقال له: نهر الدجاج، وانما سمي بذلك لأن أصحاب الدجاج كانوا يقفون عنده، ونهرا " يقال له نهر القلائين حدثنا من أدركه جاريا يلتقي في دجلة تحت الفرضة، ونهرا " يسمى نهر طابق، ونهرا " يقال له نهر البزازين فسمعت من يذكر أنه توضأ منه، و نهرا " في مسجد الأنباريين رأيته لا ماء فيه، وقد تعطلت هذه الأنهار ودرس أكثرها حتى لا يوجد له أثر]. وأنهارا " نذكرها بعد إن شاء الله تعالى.
* * * خبر بناء الكرخ أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال أنبأنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال نبأنا يعقوب بن سفيان قال: سنة سبع وخمسين ومائة فيها نقل أبو جعفر الأسواق من المدينة الشرقية إلى باب الكرخ وباب الشعير والمحول، وهي السوق التي تعرف