وأخبرنا عبد الرحمن بن عبيد الله الحربي قال نبأنا حمزة بن محمد بن العباس.
وأخبرنا الحسن بن أبي بكر بن شاذان قال أنبأنا مكرم بن أحمد القاضي قالوا:
نبأنا محمد بن عيسى بن حيان المدائني قال نبأنا محمد بن الفضل - هو ابن عطية - قال نبأنا عبد الله بن مسلم عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: ((من مات من أصحابي بأرض كان نورهم وقائدهم يوم القيامة)).
وقيل: إنما سميت المدائن لكثرة ما بنى بها الملوك والأكاسرة، وأثروا فيها من الآثار. وهي على جانبي دجلة شرقا " وغربا "، ودجلة تشق بينهما وتسمى: المدينة الشرقية العتيقة وفيها القصر الأبيض القديم الذي لا يدرى من بناه، ويتصل بالمدينة التي كانت الملوك تنزلها. وفيها الإيوان، وتعرف - بأسبانبر - وأما المدينة الغربية فتسمى بهر سير، وكان الإسكندر أجل ملوك الأرض [نزلها] وقيل إنه ذو القرنين الذي ذكره الله تعالى في كتابه فقال: (إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شئ سببا " فأتبع سببا ") [الكهف 84]. وبلغ مشارق الأرض ومغاربها، وله في كل إقليم أثر، فبنى بالمغرب الإسكندرية، وبنى بخراسان العليا على ما يقال سمرقند ومدينة الصغد، وبنى بخراسان السفلى مرو وهراة، وبنى بناحية الجبل جي مدينة أصبهان، وبنى مدنا " أخر كثيرة من نواحي الأرض وأطرافها وجول الدنيا كلها ووطئها، فلم يختر منها منزلا سوى المدائن فنزلها. وبنى بها مدينة عظيمة وجعل عليها سورا " أثره باق إلى وقتنا هذا موجود بالأثر، وهي المدينة التي تسمى الرومية في جانب دجلة الشرقي، وأقام الإسكندر بها راغبا " عن بقاع الأرض جميعا " وعن بلاده ووطنه. وذكر بعض أهل العلم: إنها لم تزل مستقرة بعد أن دخلها حتى مات بها. وحمل منها فدفن بالإسكندرية لمكان والدته فإنها كانت باقية هناك. وقد كان ملوك الفرس لهم حسن التدبير والسياسة والنظر في الممالك، واختيار المنازل، فكلهم اختار المدائن وما جاورها لصحة تربتها وطيب هوائها، واجتماع مصب دجلة والفرات بها، ويذكر عن الحكماء أنهم يقولون: إذا أقام الغريب على دجلة من بلاد الموصل تبين في بدنه قوة. وإذا أقام بين دجلة والفرات بأرض بابل تبين في فطنته ذكاء وحدة وفى عقله زيادة وشدة. وذلك الذي أورث أهل بغداد الاختصاص بحسن الأخلاق والتفرد