وقد سجل الخطيب هذه المخالفات أو الروايات الشاذة، وهي إما مخالفة في أسماء الرواة، أو التوهم فيها، أو تصحيفها، أو قلبها، أو في جعل الاثنين واحدا، أو الخطأ في الكنى أو الأنساب، أو في تحديد طبة الرجل أو موضع قبره، أو وقوع التصحيف في ألفاظ الأحاديث، أو النقص في أسانيد ها.
ويكتفى الخطيب بإظهار شكه في بعض الروايات عندما لا يمكنه القطع بصحتها أو زيفها، كما أنه يرد بعض هذه الأخطاء إلى النقلة.
وأما ترجيح الخطيب بين الروايات المتعارضة فيقع خاصة في سنى الوفيات وأحيانا في سنى الموالد، أو في الأسماء أو المتفق والمفترق، وقد يكتفى بحكاية الاختلاف بين العلماء في الأسماء، أو النسبة أو الكنى، أو الأنساب، أو في مدينة صاحب الترجمة. (70) والخطيب يدقق ويحقق، فإذا لم يتم له التحقق من الخبر حكاه بصيغة التمريض، وقد تقوم بعض القرائن عنده على أن اثنين ممن ترجمت لهم الكتب المتقدمة على كتابه هما واحد، لكن القرائن لا تكفى للبت بذلك فيحتاط ويترجم لاثنين.
وقد ترجم مرة لشخص مختلق لينبه على ذلك، وهو يتوقف أمام أسماء بعض الرواة الذين لا تتوافر له معلومات كافية للتعريف بهم فيذكر الاحتمالات دون أن يجازف ودون أن يقصر بترك التعقيب عليهم.
كذلك هو يتوقف فيما يشتبه عليه متجنبا المجازفة في العلم، وعندما يروى بعض أخبار الصوفية العجيبة فإنه يعبر بلفظ " يحكى عن " وصرح مرة ببراءته من عهدة هذه الأخبار لأنه مجرد ناقل. وهذا لا يعنى أن الخطيب انتقد سائر الروايات التي تظهر فيها المبالغة بل سكت عن بعضها. (71) ترتيب تاريخ بغداد:
رتب الخطيب البغدادي تراجم كتابه على أساس الحروف بصفة عامة، ولكنه لم يلتزم الترتيب المعجمي داخل الحرف الواحد، لكنه يبدو أنه قد راعى نظام الطبقات أحيانا داخل الحرف الواحد والاسم الواحد، ولم يلتزم ذلك أيضا ولم يصرح به.
ولكن نستطيع القول بأنه كان يقدم تراجم المتقدمين على المتأخرين دائما.