ذكر خط مدينة المنصور وتحديدها ومن جعل إليه النظر في ترتيبها أخبرنا أبو عمر الحسن بن عثمان بن أحمد بن الفلو الواعظ قال أنبأنا جعفر بن محمد بن أحمد بن الحكم الواسطي قال حدثني أبو الفضل العباس بن أحمد الحداد، قال سمعت أحمد [بن] البربري يقول: مدينة أبى جعفر ثلاثون ومائة جريب، خنادقها وسورها ثلاثون جريبا "، وأنفق عليها ثمانية عشر ألف ألف، وبنيت في سنة خمس وأربعين ومائة.
وقال أبو الفضل حدثني أبو الطيب البزار قال قال لي خالي - وكان قيم بدر - قال لنا بدر غلام المعتضد: قال أمير المؤمنين: انظروا كم هي مدينة أبى جعفر؟ فنظرنا وحسنا فإذا هي ميلين مكسر في ميلين.
قال الشيخ أبو بكر: ورأيت في بعض الكتب أن أبا جعفر المنصور أنفق على مدينته وجامعها وقصر الذهب فيها والأبواب، والأسواق إلى أن فرغ من بنائها أربعة آلاف وثمانمائة وثلاثة وثمانين درهما "، مبلغها من الفلوس مائة ألف فلس وثلاثة وعشرون ألف فلس. وذلك أن الأستاذ من الصناع كان يعمل يومه بقيراط إلى خمس حبات، والروزجاري يعمل بحبتين إلى ثلاث حبات.
قال أبو بكر الخطيب: وهذا خلاف ما تقدم ذكره من مبلغ النفقة على المدينة، وأرى بين القولين تفاوتا " كثيرا "، والله أعلم.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن رزق البزار قال نبأنا جعفر الخلدي إملاء قال نبأنا الفضل بن مخلد الدقاق قال سمعت داود بن صعير بن شبيب بن رستم البخاري، يقول: رأيت في زمن أبي جعفر كبشا " بدرهم، وحملا بأربعة دوانق، والتمر ستين رطلا بدرهم، والزيت ستة عشر رطلا بدرهم، والسمن ثمانية أرطال بدرهم، والرجل يعمل بالروزجار في السور كل يوم بخمس حبات.