أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل قال أنبأنا الحسين بن صفوان البرذعي قال نبأنا أبو بكر بن عياش قال: لما خرج علي بن أبي طالب إلى صفين، مر بخراب المدائن فتمثل رجل من أصحابه فقال:
جرت الرياح على محل ديارهم * فكأنما كانوا على ميعاد وإذا النعيم وكل ما يلهى به * يوما يصير إلى بلى ونفاد فقال علي عليه السلام: لا تقل هكذا، ولكن قل كما قال الله عز وجل:
(كم تركوا من جنات وعيون. وزروع ومقام كريم. ونعمة كانوا فيها فاكهين.
كذلك وأورثناها قوما " آخرين) [الدخان 25: 28] إن هؤلاء القوم كانوا وارثين فأصبحوا موروثين، وإن هؤلاء القوم استحلوا الحرم فحلت بهم النقم. وكان فتح المدائن في صفر من سنة ست عشرة للهجرة، وهي السنة الرابعة من خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفتحت على يد سعد بن أبي وقاص، وفي قصة فتحها أخبار كثيرة يطول شرحها - وهي مذكورة في كتب الفتوح - ولا حاجة بنا إلى إيرادها في هذا الموضع. وإنما غرضنا ذكر من سمي لنا من مشهوري الصحابة الذين وردوا المدائن دون غيرهم، رحمة الله وبركاته عليهم.
* * * فممن حفظ لنا أنه وردها من جلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 1 - أمير المؤمنين، وابن عم خاتم النبيين: علي بن أبي طالب، واسم أبي طالب:
عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة ابن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، يكنى: أبا الحسن، وأبا تراب:
وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي، وعلي أول من صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني هاشم، وشهد المشاهد معه، وجاهد بين يديه، ومناقبه أشهر من أن تذكر، وفضائله أكثر من أن تحصر، وكان وروده المدائن في طريقه لما قاتل الخوارج بالنهروان، ولما خرج إلى صفين أيضا ".