أحفر لك هذين النهرين، فأوحى الله تعالى أن أعد سكة حديد وعرضها واجعلها في خشبة وألقها فوق ظهرك، فإني باعث إليك الملائكة يعينونك على حفر هذين السيبين)). قال: ففعل. فحفر فكان إذا انتهى إلى أرض أرملة أو يتيم حاد عنه، حتى حفر الدجلة والفرات، فهذه العواقيل التي في الدجلة والفرات من حفر دانيال.
قال الشيخ أبو بكر. ذكر بعض من تقدم من العلماء بأخبار الأوائل، أن ملك الأردوان - وهم النبط - كان في السواد قبل ملك فارس، وأن النبط هم الذين استنبطوا الأرض وعمروا السواد وحفروا الأنهار العظام فيه. ويقال لهم: ملوك الطوائف.
وحكى الهيثم بن عدي عن عبد الله بن عياش المنتوف قال: كان حد ملك النبط الأنبار إلى عانات كسكر، إلى ما والاها من كور دجلة إلى جوخي وما حول ذلك من السواد.
قال ابن عياش: وكانت سرة الدنيا في أيدي النبط، واعتبر ذلك أن الفرات ودجلة ينصبان من الشام والجزيرة، ولا ينتفع بهما حتى يأتيا بلادهم فيفجرونهما في كل موضع، ثم يسوقون بقيتهما إلى البحر. قال: وكان ملكهم ألف سنة، وانما سموا نبطا " لأنهم أنبطوا الأرض وحفروا الأنهار العظام. منها الصراة العظمى، ونهر أبا، ونهر سورا، ونهر الملك، حفر الصراة العظمى فيروز حشنش، وحفر نهر أبا أبا بن الصامغان، وحفر نهر الملك أفقورشه وكان آخر ملوك النبط، ملك مائتي سنة. قال:
ثم وليت فارس فحفروا الأنهار الصغار، كوثا والصراة الصغرى التي عليها قصر ابن هبيرة وكل سيب بالعراق، ثم حفروا النهروان. قال: وكان يقال له نهرواي لأنه إذا قل ماؤه عطش أهله، وإذا كثر ماؤه غرقوا.
أخبرنا أبو القاسم الحسن بن الحسن بن علي بن المنذر القاضي وأبو القاسم علي ابن محمد بن علي بن يعقوب الإيادي وأبو علي الحسن بن أحمد وإبراهيم بن شاذان البزار. قال الأيادي: حدثنا. وقالا: أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي قال نبأنا محمد بن إسماعيل السلمي قال نبأنا سعيد بن سابق - زاد بن المنذر وابن شاذان - أبو عثمان من أهل رشيد. ثم اتفقوا. قال: حدثني مسلمة بن علي عن مقاتل بن حبان عن عكرمة عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزل الله من الجنة إلى الأرض