وعدم الابتلاء بكثرة النسيان، بحيث لم يكن موثقا بخبره، فإن هذه الصفة من باب الأمراض العارضة، وطبيعة لو خلي ونفسها منها سالمة، ولا تحتاج إحرازها، بل هي بالأصالة ثابتة.
على أنه كثيرا ما يوثقون بنحو قولهم (ثقة في الحديث) أو (ثقة في الرواية) وأمثالها. ومن الظاهر جريان طريقهم على تصحيح الحديث بنحو التوثيق المذكور.
ومن الظاهر، بل المقطوع عدم استفادة ثبوت مرتبة ملكة العدالة، بل أقصاها بمثلها، ودعوى الثبوت من مجازفة لا يتصور فوقها.
الثاني: إن المدار في التوثيقات، إنما هو على قول العلماء المعتمدين، والمشاهير المطلعين على سر اشتراط العدالة، ولا شك أنهم عالمون بما يخل بها، بحيث يوجب رد حديث صاحبها، بل لا يراد بالعدالة هنا، إلا أمر معلوم لا يجوز التجاوز عنه، بل المراد بها ما يتوقى صاحبها عما يوجب الاختلاف في المقال، وذلك أمر مختلف باختلاف الناس والأحوال، وإنما عرفت العدالة بما عرفت بناء على الغالب.
قال المحقق المشار إليه: والظاهر أن المقصود به، الجواب من وجهين.
أحدهما: إن أرباب التوثيق المتصدين له، أشخاص معتمدون، معروفون، عارفون باشتراط العدالة في الرواية، وبالأمور المنافية للعدالة.
والموجب لرد الرواية فهم يلاحظون في التوثيقات جميع الأمور المعتبرة في العدالة قطعا.
والآخر: إن المقصود بالعدالة المشروطة في الراوي، ليس ما هو المعنى المصطلح، بل الحالة الرادعة عن الكذب، لاختلال المقال بين الراوي المروي عنه، وهذه تختلف باختلاف الناس، فبعض الأشخاص يكفي في