وثانيها وثالثها: اختلافهم في الكاشف عن العدالة وعدد الكبائر، ولا يضر شئ منهما، لما مر من أن العدالة التي تعتبر هنا ما يوجب الثقة والاعتماد، ولا يحصل ذلك بمجرد ظهور الإسلام وعدم ظهور الفسق، بل لا يحصل إلا من له ملكة الاجتناب عن جميع الذنوب، ولو كانت صغيرة، بل ولو مما اختلف في ذنب في كونه من الكبائر ولم يكن عند الموثق منها.
قال: فظهر أن الظاهر من توثيق علماء الرجال إرادة ما يلزم العدالة عند الكل، ولو لم يكن إلا اتفاق الطائفة على قبول التعديل من أهل الرجال، لكفانا في قبول قولهم. (انتهى).
ولقد أتعب المجيب نفسه في الجواب (1)، وبعد بمقدار الأتعاب عن الصواب. ولقد دقق الوالد المحقق النظر في المرام، فأتى بما هو التحقيق بعد التعميق في المقام.
فأورد عليه أولا: بأنه لم يثبت كون (ثقة) في كلمات علماء الرجال مستعملة في العدالة بالمعنى المصطلح، كما هو مبني صدر الجواب المذكور.
وثانيا: بأنه لم يثبت كون النجاشي مثلا عالما بأحكام العدالة ومسائلها، حتى يتمكن من الأخذ على الوجه المزبور.
وثالثا: بأنه على تقدير التسليم، كيف يتمكن النجاشي مثلا من الأخذ على ذلك الوجه لعموم الانتفاع، مع أن بعض الأقوال في الكبيرة قد حدث في هذه الأعصار، مع أنه من أين علم أن كتابه يصير مرجعا لمن تأخر حتى يأخذ بما ذكر.