وهاهنا أمور ينبغي التنبيه عليها [اختلاف الرجاليين في معنى العدالة] أحدها: أنه ربما يشكل الأخذ بتوثيقات أرباب الرجال وجرحهم، من أن مذهب النجاشي مثلا في العدالة غير معلوم لنا، فكيف يصح لنا الأخذ بالجرح والتعديل منه بدون ذكر السبب، بل الجرح والتعديل من النجاشي ونحوه مأخوذ من كلام القدماء، كابن نوح وابن عقدة ونحوهما من الأماميين وغيرهم، فكيف يصح لنا التعديل مع هذا الخلاف والاختلال.
وقد أجيب عنه بوجوه:
الأول: أن الجارح والمعدل وإن أمكنه أن يبني الأمر في الجرح والتعديل على مذهبه، إلا أن هذا الوجه مع علمهم بالاختلاف في غاية البعد، لأن عمدة مقاصدهم في تأليف هذه الكتب أن يكون مرجعا لمن يأتي بعدهم، وأن ينتفعوا بها.
وإذا لوحظ هذا المعنى، مع عدالة المصنفين وورعهم، يظهر أن مرادهم بالعدالة: المعنى الذي هو مسلم عند الكل ويدل عليه اتفاق أصحابنا على قبولهما مطلقين، فإنهم لم يزالوا يحكمون بعدالة الرواة، ويستندون في ذلك إلى الشيخ والنجاشي وغيرهما.