لكي نحتاج إليها يوما، وإياك أن تظهرها إلى وقتها قال: فأصبحت وكتبت نسخة الرسالة في عشرة رقاع وختمتها ودفعتها إلى عشرة من وجوه أصحابنا، وقلت: ان حدثني حدث الموت قبل أن أطالبكم بها فافتحوها واعملوا بما فيها.
فلما مضى أبو جعفر عليه السلام لم أخرج من منزلي حتى عرفت أن رؤساء العصابة قد اجمعوا عند محمد بن الفرج يتفاوضون في الامر، فكتب إلي محمد بن الفرج يعلمني باجتماعهم عنده ويقول: لولا مخالفة الشهرة لصرت معهم إليك فأحب أن تركب إلي، فركب وصرت إليه، فوجدت القوم مجتمعين عنده، فتجاربنا في الامر، فوجدت أكثرهم قد شكوا، فقلت لمن عندهم الرقاع وهم حضور: أخرجوا تلك الرقاع، فأخرجوها فقلت له: هذا ما امرت به، فقال بعضهم: قد كنا نحب معك في هذا الامر آخر ليتأكد القول.
فقلت لهم: قد أتاكم الله بما تحبون هذا أبو جعفر الأشعري يشهد لي سماع هذه الرسالة، فاسألوه، فسأله القوم، فتوقف عن الشهادة، فدعوته إلى المباهلة، فخاف منها، فقال: قد سمعت ذلك وهي مكرمة كنت أحب أن تكون لرجل من العرب، فأما مع المباهلة فلا طريق إلى كتمان الشهادة، فلم يبرح القوم حتى سلموا لأبي الحسن عليه السلام (1).
وفي " تعق " ذكر هذه الرواية في الكافي باب الإشارة والنص على أبي الحسن الثالث عليه السلام (2). لكن في قبول مثلها في شأن مثل هذا الثقة الجليل تأمل، ولعل ذلك هو الداعي لعدم توثيق النجاشي له، وربما يظهر منه تكذيبه فلاحظ، كما في علي بن محمد بن ميثره، والظاهر أنه لا ينبغي التأمل في وثاقته، ولعله كان زلة صدرت فتاب، فان الظاهر عدم تأمل المشايخ في وثاقته وعلو شأنه، وديدنهم الاستناد إلى قوله. وفي الحسن بن سعيد ما يظهر منه اعتماد ابن نوح بل اعتماد الكل عليه.