وحيث قد ثبت بهذه الملاحظات والامارات المفيدة للظنون المعتبرة تشخيص ذات الواسطة، فلنشر إلى بيان وصف الواسطة وصحة حديثه أو عدمها.
فنقول: ان الاظهر اعتبار سند الحديث من جهته بل صحته على اصطلاح القدماء بل لا أبالي الحكم بالصحة على اصطلاح المتأخرين، حيث صح الطريق من غير جهته من المتقدم عليه أو المتأخر عنه، ولنا على ذلك تأييدات وامارات:
أحدها: أنه من أشياخ الكليني، وقد أشرنا غير مرة أن الوصف بذلك يفيد التوثيق، بل قيل: إنه أعلى من التوثيق، ولا أقل أن مثل الكليني لا يرضى بالاستجازة عن الفاسق والركون إليه في العلم والحديث.
وثانيها: أنه الخصيص بالفضل، كما مر عن الرواشح والوافي، ومثله لا يجعل الفاسق من خواصه.
وثالثها: اكثار الكليني الرواية عنه مع ما قال في ديباجة كتابه، كما أشرنا إليه في المطالب الأصولية.
ورابعها: عدم تصريحه فيه مع الاكثار المزبور بما يتميز به الرجل عن غيره، كما هو ديدنهم في الرواة ليلاحظ المعتمد عن غيره، فظاهره أنه لا حاجة إليه لظهور وجه الاعتماد عليه، أو لعدم الحاجة إليه لكونه من مشايخ الإجازة.
وخامسها: ما قد مر من أنه قيل في حقه: بندفر، ومعناه على ما عرفت يدل على جلالته وعلو شأنه وسمو مقامه، فتأمل.
وسادسها: ما ذكره المحقق الداماد من كونه شيخا كبيرا فاضلا جليل القدر معروف الامر دائر الذكر بين أصحابنا، ويقرب منه ما عن المحدث القاشاني وقد أشرنا إليهما.
وسابعها: تصحيح جمع من الأفاضل للسند الذي هو فيه من جهته من غير تخصيص بما روى عنه الكليني، كما هو ظاهر محكي الرواشح، وعن المنتقى عليه جماعة من الأصحاب أولهم العلامة.
وثامنها: اطباق العلماء على ما حكي عن بعض الأجلة على تصحيح ما يروي