وعلي عليه السلام.
وأجاب القاضي عن ذلك بأن المراد هي الخلافة المجازية التي ينتظم النظام بسببها لا الخلافة الحقيقية، كما توهمها بعض القاصرين ويوهمه سياق الكلام، ولكن التأمل في أطراف المقام يدفعه، ويظهر أن الشيخ ما أراد من هذا الكلام الا التموية وتغرير أهل السنة.
ومما يؤيد ذلك أنه لو لم يرد من الخلافة هي المجازية لكان التمثيل بأبي بكر وعلي عليه السلام أتم وأقرب، لكونه باعتقاد أهل السنة هو أول الخلفاء وأكبرهم وأفضلهم، ومع ذلك يستعين برأي وزيره عمر وسائر صحابته، ويلتمس بان عوجت فاستقيموني، فجرى التمثيل بعمر لأجل أن الانتظام الظاهري العرفي بيده، لما فيه من فنون التزوير والتدبير.
ولهذا قد اختل أمر الشريعة في زمان خلافة أبي بكر، بل ارتد من قبائل العرب في هذا الزمان، وكذا في زمان خلافة عثمان، فإنه من سوء تدبيره وفقد كفايته واعوجاج سليقته وتعديه وتخطيه عن جادة الانصاف وسلوك بنية الاعتساف اختل أمر دنياه، فضاق على الناس حتى اضطروا إلى قتله. وأما زمن خلافة عمر فلم يقع فيه ما وقع في زمن صاحبية.
بل لا نزاع في أن الانتظام الظاهري المشتمل على دفع الهرج والمرج ورفع تطاول بعض الناس على البعض انما هو بوجود الخلفاء الجائرين والجابرة، كما هو المحسوس في هذه الأزمنة، فحينئذ كيف يعتقد الشيخ خلافة مثل عمر الجاهل ويزعم خلافته الحقيقية، وسياق كلامه يأباه من وجهين:
الأول: أنه شرط كون الخليفة بالنص أو باجماع جميع أهل الحل والعقد من المسلمين، بل حكم برجحان طريق التنصيص، كما هو الموافق لمذهب الامامية، ومن البين أن محققي أهل السنة لم يدعوا وقوع أحدهما في حق الثلاثة، ولهذا اضطرب رئيس المعاندين قاضي عضد، فصحح اختيار الخلافة من شخص كاف واف، كما في خلافة أبي بكر، إذ قد ثبت ببيعة عمر.