والحاصل كيف يعتقد الشيخ مع كونه حكيما فريدا في فنه خلافة عمر حقيقة مع الشرط المذكور، بل هو في دعواه الخلافة أقرب من دعواه الخلافة لمثله. وقد نقل والد الشيخ البهائي عن كتاب الشوارق بأنه صرح في حق مولانا ومولى الثقلين أمير المؤمنين عليه السلام، بأنه لولا النص الصريح على خلافته بعد النبي صلى الله عليه وآله لكان تقديمه بسبب المزايا والفضائل واجبا.
الثاني: انه شرط في الخليفة أن يكون عاقلا عارفا بالشريعة، بحيث لم يكن مثله أحد في الخلق، بل يكون أعرف من جميع البرية ومتصفا بالأوصاف والأخلاق الشريفة، مثل الشجاعة والعفاف وحسن السيرة والتدبير. وقد نقل أن عمر كان فظا غليظا جبونا جاهلا، وقد فر من غزوات خاتم الأنبياء كرارا، كغزوة بدر وخيبر، والفرار من الزحف من سجيته المستمرة، وقد قال بنفسه في سبعين موضعا: لولا علي لهلك عمر.
فان قلت: أن الشيخ الرئيس قال: إن المعقول أعظم وحسن الأيالة، وهما في عمر موجودان وان لم يكن متصفا بالعلم والشجاعة ونحوهما، فلا يقدح فقدها بخلافته.
قلت: أنه قال متصلا بهذا الكلام: ان المعقول هو كمال العقل وحسن الأيالة ان لم يكن صاحبه غريبا عن الفضائل الباقية وقريبا بالجهل، ومن كان أعرف بالسياسة ربما يقدم على الأعلم إذا لم يكن جامعا للوصفين، بناءا على ذلك فلا يكون عمر أولى من أمير البررة عليه السلام ان قلنا بكونه عارفا بالسياسة، وقد عرفت اعتراف الخصم بأنه لولا علي لهلك عمر. وقد نقل أن كل الناس أفقه منه حتى المخدرات في الحجرات، مع أن اتصافه بالعقل محل للكلام، نعم كان منافقا مكارا، إذ الحلية والنكرى كان دأبه.
وما وقع في عهده من فتح البلاد وأخذ الأمصار، فهو أيضا بإشارة المولى أمير المؤمنين عليه السلم، كما هو المعروف بين أرباب السير والتواريخ. هذا وقد دريت أنه في آخر عمره استغفر وأناب وندم وتاب من التقصيرات، وهذا أيضا يدل على اعترافه