ثم إن المولى العلامة البهبهاني بعد ما أشار إلى المعاني السبعة للتفويض قال: وبعد الإحاطة بما ذكرنا هنا وما ذكر سابقا عليه يظهر أن القدح بمجرد رميهم إلى التفويض أيضا لا يخلو عن اشكال انتهى.
أقول: الذي يظهر من اطلاق المفوضة في تراجم كثير من الرجال أن المراد منها من قال بأحد الوجهين الأولين خصوصا، والغالب أنهم يذكرون ذلك في مقام الذم واختصاص الرجل باعتقاد مخصوص، ولا اختصاص للاعتقاد بأكثر المعاني المذكورة ببعض طوائف الشيعة، بل الظاهر جواز التفويض بالمعنى الرابع كما نطقت به الآثار، وكذا البواقي إلى السابع.
ثم الظاهر من جملة اطلاقات التفويض والمفوضة تفويض أفعال العباد إليهم، بحيث لا يكون لله تعالى مدخل فيه في مقابل الجبر الذي عليه الأشاعرة، كما أن المعتزلة على الأول، بمعنى أن الله تعالى فوض أفعال العباد إليهم.
وأصحابنا الامامية على أمر ثالث وهو الامر بين الامرين، لما وصل إليهم عن الأئمة الاطهار بالتواتر والاستفاضة القطعية، بأنه لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين الامرين، قيل له عليه السلام: وما أمر بين أمرين؟ فقال: ذلك مثل رجل رأيته على معصية فنهيته، فلم ينته فتركته ففعل تلك المعصية، فليس حيث لم يقبل منك فتركته كنت أنت الذي أمرته بالمعصية. ذكر الحديث كذلك في إعتقادات الصدوق.
فحينئذ نقول: إذا كان بعض الأصحاب من الرواة وغيرهم على طريقة المعتزلة في هذه المسألة الكلامية، فهو حينئذ من المفوضة، ويكون مذموما مردود القول في الشهادة والرواية.
وبالجملة الاطلاق ينصرف إلى ما هو الشايع من الاطلاقات، وهو هذا المعنى ولو بملاحظة غلبة استعماله في كلام أئمة الفن، فلا يبقى اشكال في رد قول من يصفونه به من الرجال، فتدبر.