ولم يحصروا الامام في عدد معين، بل كل من اجتمعت فيه الشرائط المذكورة كان هو الامام، وأصولهم هو أصول المعتزلة، وفروعهم فروع أبي حنيفة.
وبطلان مذهبهم ظاهر، لانهم وافقوا الشيعة الإمامية على امامة الثلاثة لا غير، وخالفوهم من وجوه شتى، ووافقوا السنة بعد العصمة في الامام، واتباع المعتزلة في الأصول، واتباع أبي حنيفة في الفروع، وخالفوهم لوجوه شتى، واستنادهم في مذهبهم إلى مجرد الدعوى من غير دليل.
وينبغي التنبيه على أمور:
الأول: لا يخفى على ذي مسكة على أن السبب الأولى في الشبهة التي انبعث فيها تفرق الآراء والمذاهب هو متابعة خطوات الشيطان الرجيم في الشبهات الأولية، وهي استقلاله بالرأي في مقابلة النص، واختياره الهوى في معارضة الامر، واستكباره بالمادة التي خلق منها وهي النار على مادة آدم على نبينا وعليه الصلاة والسلام وهي الطين.
وانشعبت هذه إلى سبع شعب حتى ارتكزت في أذهان الناس وصارت فيهم، وزينها في أعينهم، وسولها لهم حتى صارت مذاهب مبتدعة، وهي مسطورة في الأناجيل، ومذكورة في التوراة متفرقة على شكل المناظرة بينه وبين الملائكة بعد الامر بالسجود وامتناعه عنه، كما نقل عنه أني سلمت أن الباري سبحانه الهي واله الخلق عالم قادر، ولا يسأل عن قدرته ومشيته، فإنه مهما أراد شيئا قال له: كن فيكون، وهو عليم حكيم الا أنه يتوجه على حكمته سبع، قالت الملائكة وماهن؟ قال:
أولها: أنه علم قبل خلقي أي شئ يصدر مني، فلم خلقني وما الحكمة في خلقه إياي؟
وثانيها: إذ خلقني على مقتضى ارادته ومشيئته، فلم كلفني بمعرفته وطاعته؟
وما الحكمة في التكليف بعد أن لا ينتفع هو بطاعته ولا يتضرر بعدمها؟
وثالثها: إذ خلقني وكلفني، فالتزمت تكليفه بالطاعة والمعرفة، فعرفت واطلعت، فلم كلفني بطاعة آدم والسجود له؟ وما الحكمة في هذا التكليف على