قد أشرنا في الباب الخامس أن سبب اختلاف المذاهب منوط بأربع قواعد، وهي على ما قيل:
أولها: الصفات والتوحيد، ويندرج فيهما صفات الذات وصفات الفعل وما يجب على الله تعالى ولا يجوز عليه وما يمتنع، وفيها الخلاف بين الأشعرية والكرامية والمجسمة والمعتزلة كما مر.
وثانيها: القدر والعدل، ويندرج فيهما مسائل القضاء القدر والجبر والكسب وإرادة الخير والشر والمقدور والمعلوم، وفيها الخلاف بين القدرية والنجارية والجبرية والأشعرية والكرامية.
وثالثها: الوعد والوعيد والأسماء والاحكام، ويندرج فيها الايمان والتوبة والوعد والوعيد والآراء والتكفير والتضليل، وفيها الخلاف بين المرجئة والوعيدية والمعتزلة والأشعرية والكرامية.
ورابعها: السمع والعقل والرسالة والإمامة، ويندرج فيها المسائل التحسين والتقبيح والاصلاح والأصلح واللطف والعصمة في النبوة وشرائط الإمامة نصا عند الجماعة، واجماعا عند الأخرى، وكيفية انتقالهما على مذهب من قال بالنص، وكيفية اثباتها على مذهب من قال بالاجماع، والخلاف فيها بين الشيعة والخوارج والمعتزلة والكرامية والأشعرية.
ثم علم أن الناس ينقسمون أولا إلى فرقتين:
الأولى: أهل الديانات، وهم اليهود والنصارى والمجوس والمسلمون.
الثانية: أهل الأهواء والآراء، مثل الفلاسفة والدهرية وعبدة الكواكب